الأحد، 13 مارس 2016

فيك عشرة كوتشينة فى البلكونة

فيك عشرة كوتشينة فى البلكونة

(هذه صفحة أخرى من مذكراتى التى لم أفكر يوماً بكتابتها)

زمان وانا صغير كنت بحب اراقب الناس الكبيرة فى السن .. مذهول ومستغرب بالروتين بتاعهم والمصطلحات اللى بيستخدموها .. مكنتش اقدر مضحكش اما اسمع جدى بيقول "هاتلى ازوزة من تحت" او استغرب اما اسمع جدى التانى اما يقول فى عز الضهر "انا داخل اتصلطح شوية"وكنت اقول لنفسى "هو حيصلطح نفسه ازاى ؟"، يااااااه .. الواحد وهو صغير كان ساذج جداً، المهم .. فى ذكرى من ذكريات الطفولة -وكاعادة ذكريات الطفولة بتبقى "مشبرة"- مهمة جداً بالنسبة لى .. مش عارف ليه بس يمكن عشان كان ما بين شخص بحبه ! او يمكن عشان كان اول حوار جد اتكلمه فى حياتى .. مع انى مفهمتش حاجة يوميها الا انى كنت مبسوط جداً .. بالرغم من ان رجلى مكنتش طايلة الأرض وكنت بشب براسى عشان ابص من شباك الفراندة إلا انى حسيت انى بقيت راجل وبتناقش وبحكى وبتحاكى فى أمور الدنيا العجيبة اللى مشفتش منها غير مصاصات وايس كريم.

فى يوم وانا عند جدتى دخلت الفرندة لقيت جدى قاعد وبيبص فى السما .. فى الأول افتكرت انه بيبص على بنت الجيران اللى انا كنت ببص عليها .. بس اما قربت منه لقيته بيفكر بصوت عالى .. قلتله "جدو .. انت بتكلم نفسك؟" انتبه وقالى "لا لا يا حبيبى .. ده انا كنت بفكر فى حاجة كده" .. روحت قاعدت قدامه وسادت لحظة من الصمت المريب ... "انت عارف انا كنت بقول لنفسى ايه ؟" قال جدى .. "ايه يا جدو ؟" .. قالى "إن الحياة بسيطة جداً بكل ما فيها بس كل اما بنكبر بنعقدها على نفسنا .. المفروض نعيش الحياة زى ما انت عايشها .. فاهم؟" جاوبت وانا بهز راسى بالموافقة بس الحقيقة مكنتش فاهم اى حاجة وقتها .. "الواحد فضل يعافر ويتعب ويحرق فى اعصابه ودمه وفى الاخر عملنا ايه ؟ ادينى قاعد ومعايا الضغط والسكر والعسل اللى قدامى ده .. إنت تعرف انى قريت فى كل الأديان اما طلعت على المعاش ؟ .. لقيت انى كل الأديان عبارة عن قيم أخلاقية ونداء بالمحبة والسلام بين الناس .. بس دلوقتى الناس اتغيرت .. الناس بقت وحشة ..وحشة اوى عن ايام زمان .. كل واحد واقف للتانى عالغلطة ومجهز لنفسه مجموعة شتايم يرد بيها على التانى .. ولا انت ايه رأيك ؟" قلت بكل حماس "ايوة يا جدو ايوة .. الناس بقت وحشة اوى" ..راح قايلى وهو بيقرب بجسمه من على الكرسى "لسانك حصانك إن صنته صانك، وخليك عارف ان مفاتيح الجنة هى هى مفاتيح النار" مع إنى مكنتش فاهم اى معظم الكلام إلا ان الجزء ده بالذات من الحوار مقدرتش انساه  .. بعد كده جدى قعد يتكلم ويهزر معايا فى الكورة تقريباً وهنا جه السؤال المهم اللى كنت مستنى اسألهوله من أول ما دخلت عليه الفرندة .. "جدو .. تلعب كوتشينة ؟" إبتسم وقالى لا يا حبيبى انا تعبان شوية .. حخش اتصطلح حبة واما اقوم نبقى نلعب .. وقام جدى .. وأتصلطح ونزلنا من عند جدتى .. ونسينا دور الكوتشينة اللى كنت عايز العبه .. ومفتكرتش غير شوية النصايح اللى جدى قالها لى .. لو كان عايش دلوقتى وشاف الناس بتعمل ايه فى بعضها مكنتش قال زمان ان الناس وحشة .. ساعتها افتكرت جملة قريتها فى كتاب "بطن الأرض أفضل من ظهرها" .. يمكن ! .. ايـــــه ! الله يرحمك يا جدى.


مصطفى الشابى