الجمعة، 11 ديسمبر 2015

أهلاً بيك فى العاصمة

أهلاً بيك فى العاصمة

مساء الخير

قد أبدو هذا المساء مُستاءا بعض الشئ وهذا بسبب إكتشافى انى لم اقم بالكتابة لمدة تزيد عن شهر ! .. لا أعلم لماذا اثر فى الموضوع بشدة .. ولكن .. أعذرونى ! فانا أعلم جيداً ما هو سبب تأثير هذا الموضوع في .. فأنا كنت أخشى هذا اليوم منذ أن بدأت الكتابة منذ ثلاث سنوات .. كنت أخشى اليوم الذى سأتوقف فيه بلا اى سبب ولكن لمجرد ان الموهبة قد نفذت .. او الإدراك بعد فترة انها لم تكن موهبة من الاساس بل كانت طفرة ادبية بسبب تأثري ببعض الرويات التى قرائتها منذ زمن وها قد تلاشى هذا التأثير، لم أعلم بشأنكم ولكنى أدركت شئ مهم وهو ان مخاوفك ستتحقق فى النهاية، ولكن لماذا إذاً بعد كل هذا الكلام أكتب هذا المقال ؟

ما تعلمته خلال سنين حياتى القصيرة هو أن الحياة لا تثق فى البشر ! دائماً تضعهم فى موضع اختبار .. إما أن يثبتوا جدارتهم وإما أن يفشلوا .. وفى كلتا الحالتين لن تثق فيك الحياة ! ولكن لمجرد "برستيج" ومظهرك أمام نفسك والمجتمع .. تحاول إثبات جدارتك، لهذا انا اكتب هذا المقال لأثبت جدارتى .. لأثبت لنفسى انى لم أنتهى ولم تنتصر على الحياة بعد ! لم تقم الحياة بدهسى تحت عجلة المشاغل والروتين، لازلت أحتفظ بجزء من حياتى لنفسى .. وبجزء من نفسى لنفسى !

أعترف بأنى قد تغيرت كثيراً .. ولكن من منا لم يتغير ؟ هذه هى الأكذوبة الكبرى .. نقنع أنفسنا اننا لن نتغير ولن نَسلى ما احببناه فى يوم ما ! إننا سنبقى على نفس الطبيعة البريئة والنفس الطيبة .. ولكن خدعنا أنفسنا وخدعنا الزمن .. وعلى رأى الأغنية الشهيرة "ليه يا زمان مسبتناش ابرياء ؟"، ثم اصبر نفسى واقول "بقى كان نفسى تبقى زى ما انت ومتتغيرش ؟! يا أخى حرام عليك ! إذا كان الزمن بيتغير مش عايز انت كمان تتغير ؟!"

لا أريد ان أكون متشائم وسوداوى فى هذا المقال .. فالتغيير قد يكون إيجابى ايضاً .. ليس بالضرورة السلبية فى التغيير .. ولكن مع ضغط الحياة اليومية وما نراه كل يوم .. فأنا أسف .. التغير سيكون سلبى .. أهلاً بك فى العاصمة !

ما احاول الوصول ايه فى نهاية هذا المقال هو الا تجعل الحياة تنتصر عليك .. فأنت اقوى من هذا بكثير .. إحتفظ بجزء من حياتك لنفسك ولا تقربه للحياة اليومية حتى لا تدهسه "كاوتشات الحياة اللورى"، إحتفظ بإبتسامة لتتذكر بها جمال الحياة .. فالحياة جميلة للغاية ولكنها فقط تحتاج من يفهمها او "يهاودها وياخدها على قد عقلها !"، لا تخشى التغيير ولكن إخشى مخاوفك .. فهى أكبر عدو لك.

"الحياة حلوة للى يفهمها، الحياة غنوة ماحلى انغامها"


مصطفى الشابى


الأربعاء، 21 أكتوبر 2015

إسألوا رجاء

إسألوا رجاء

مساء الخير ..

فى كل مرة بحاول فيها أكون زير نساء أنجح فى الجزء الخاص بالـ"زير" وأفشل تماماً فى الجزء الخاص بالنساء ! مش عارف العيب فيا ولا فى النساء ولا فى الزير، المهم إنى أصبحت إنسان يائس تماماً وعلى إستعداد تام إنى أتصل تليفونياً بمدام رجاء فى فقرة اسألونى مع عمرو أديب يمكن تلاقيلى حل !

بعد عدد لا بأس منه من العلاقات الفاشلة اللى دخلتها –او بمعنى اصح اللى ملحقتش ادخلها- كنت فاكر ان الحب بيبقى زى الأغانى والأفلام ولكن أكتشفت ان الحياة مش وردية كده، الحياة العاطفية فى مصر معقدة جداً وغير متوازنة .. فحتلاقى مرحلة "هو مش حيبوسنى بقى ولا ايه ؟" ومروراً بمرحلة "لا لا لا لا .. إيـــــــــــــدك" –مع العلم انك اتجوزت تانى واحدة-، البنات معقدة حقيقى .. الولاد صايعيين وفاشليين حقيقى .. بس انا عندى سؤال واحد بس .. انا ذنبى ايه ؟!

انا اقول لنفسى ذنبى ايه .. ذنبى ان القانون بيقول ان المخدة متشيلش أتنين حلوين ! ، انا حلمى انى الاقى سكارلت جوهانسن على أرض مصر وده فى حد ذاته يصنف حلم خيال علمى، عصر التيكنولوجيا والإنفتاح خلى كل شئ صعب .. حتى الحب، لان الناس سواء بنات او ولاد بقوا كلهم سطمبة واحدة .. شكل واحد وتفكير واحد .. ويوم اما تلاقى اللى فى خيالك حتلاقيها مصاحبة حد فرفور او اكبر منك بخمس ست سنين .. القدر مش فى صالحك يا ابراهيم !

*فاصل غنائى*

"فى حياتك يا ولدى إمرأة عيناها سبحان المعبود"

عبد الحليم مغلطش اما قال "طريقك مسدوداً مسدوداً مسدود !" ممكن العيب مايكنوش فيك او فيها .. بس العيب فى قارئة الفنجان اللى قالتلك إنكم حتعيشوا سوا طول العمر *قلوب ودباديب*، الفكرة الاساسية ان ال"كابلز" فى مصر بيحبوا اوى فكرة انى اتدخل فى حياة اللى معايا .. "بتكلمى مين ؟" "مين دى ؟" "متسلميش على ولاد بالايد" "متكلمش بنات غيرى " "الباسوورد بتاع الفيسبوك ايه؟" شغل التسعينات ده .. بس للأسف الشغل ده مفضلش فى التسعينات .. دخل ومكمل معانا، وده فى حد ذاته بيخلق نوع من الخنقة والزهق .. "ده انا امى مش حتسألنى كل الأسئلة دى !"، فكرة الأرتباط فى مصر ملهاش علاقة بالمشاركة .. ليها علاقة بالتوحد .. كل واحد عايز يتحكم فى التانى من غير ما التانى يتحكم فيه، وليه اساساً نتحكم فى بعض !؟

*عدنا*

ولكن انا قررت انى اتحدى القدر خالص بقى .. انا قررت انى اتجوز من برا أرض الوطن .. الوسيلة : مش عارف إزاى بس ربنا حيسهلها..ايه المميزات..ركز معايا..واحد : ححسن النسل، أتنين : مش حخش فى تفاصيل الجواز بتاعت العرب *البساطة مفيش احلى منها*، تلاتة والأهم : تربية اولاد نضيفة..مش حتلاقى أم بتضرب الواد على وشه عشان يبطل عياط ! وانا عندى امل كبير فى موضوع الجواز برا ده لان طبعاً كلنا عارفين ان الراجل المصري لما يروح فى أى حد فى العالم بكرشه ده كل الستات بتتهبل عليه !

فى الحقيقة انا مش عارف حل للمشكلة دى، يمكن فيا عشان إختلافى الفكرى الواضح جداً فمش لاقى حد يجارينى فى تفكيرى، مش عارف الصراحة ! .. المهم فى نهاية أحب أقول ان هذا المقال انا لا انهيه ولكن بخلى مدام رجاء تنهيه !

ومن هذه النقطة لا اأسف على عدم وجود أنثى فى حياتى .. لأن ببساطة منطلق الأنوثة أنتهى فى مصر من زمان، حقضى حياتى فى أكل الشاورما والبحث عن فرصة للف العالم *يمكن ربنا يكرم* وحاخد عهد على نفسى انى مش حعجب بحد تانى طول فترة تواجدى فى مصر .. خلاص زمن الإعجاب اللى ممنوش لازمة ده إنتهى .. انا من النهاردة إنسان جديد !

ايه ده ! مين دى ؟ ;)


                                                                               مصطفى الشابى     


            

الخميس، 15 أكتوبر 2015

رحلتى من الرُقى إلى الإنحدار

رحلتى من الرُقى إلى الإنحدار

مساء الخير

فى الواقع .. وسألتزم بكلمة "واقع" لأن قولى عكسها لن يفيدنى أو ينفعكم بشئ، فحياتنا الأن لا ينفعها سوى قبول الواقع كما هو بدون عمليات تجميل ونفخ وشد ! كما إنى تيقنت أن سبب إكتئاب 90% من الشعب المصرى هو عدم قبوله للواقع، بمعنى اخر "حياتك وحشة، متحولش تجملها .. ده لمصلحتك انت والله !".

اعتقدت فى مرحلة من حياتى ان الإنسان بإمكانه تغيير الواقع وتحقيق احلامه على أرض الواقع .. وأن من السهل جداً نشر الأشياء الجيدة مثل الموسيقى الراقية والاسلوب المتحضر فى المعاملة .. وأن الذوق الراقى لابد ان ينتصر دائماً على الاسفاف والإنحدار، ولكن الـ"مهرجانات" و "البلطجة" كانت أقوى منى .. وفشلت فى تحقيق حلمى البسيط .. ولم أعرف لماذا ! هل لان ذوقى أصبح منحدر بالنسبة لهم ؟ ام الإنحدار اصبح راقى ؟!

منذ فترة قليلة أقتنعت ان لابد لى من تقبل الواقع كما هو .. فأنا لن أجد من يستمع الى مقطوعات عبد الوهاب الموسيقية النادرة فى الشارع كما لن أجد من يريد أن ينفع نفسه بشئ للمستقبل سواء فكرياً او عملياً سوى ب"قرش حشيش" ! والمهم إنى لن أجد فتاة الأحلام التى أحلم بها، فسأقبل الواقع كما هو بدون تجميل .. وبدأت رحلتى من الرقى إلى الإنحدار !

يصفنى أصدقائى ومن "يتمألس" علّى انى أنتمى لزمن الأبيض وأسود .. بكل ما فيه وهذا حقيقى، لذلك كان من الصعب .. بل من المستحيل جعل إنسان تعود على صوت ثومة ومحمد فوزى على الإستماع إلى مهرجانات بالغصب دون أن أتذمر  ! .. او دخول فيلم هابط ليلة الوقفة لأن الأغلبية حكمت بكده ! .. أو التغاضى عن أبسط قواعد الذوق والإتيكيت لمجرد أن شخص ما أخطأ ويرفض الأعتراف بخطأه ! كان من المستحيل ان اندمج مع هذا الواقع دون تذمر ومناقشات ان كل هذا خاطئ .. وانى لست قديم ولكنى صح ! ولكن كل واحد منا يظن انه صح، أليس كذلك ؟!

لذلك أفضل وصف لهذه الرحلة هو "انا لو روحت السلوم مشى ورجعت كان حيبقى أهون"، بدأت فى منتصف تلك الرحلة الشعور بأنى أتحول لشخص اخر لا اعرفه ولا أمت له بصلة.. وإنفجرت كإزازة الكازوزة الفايرة بعد رجها وعدت إلى شخصى القديم مرة اخرى لأتذمر على كل ما لا يعجبنى ! وهنا ايقنت أن إن كان تقبلك للواقع سيغير من شخصيتك وأفكارك وطريقتك لا تتقبله. ولكن أعلم انك لا تستطيع تغيره لأنك مش عايش فى بلجيكا .. لأن لو كنت عايش فى بلجيكا سيكون الواقع أفضل بكثير من الواقعك هذا !

لابد من بعض التفائل فى نهاية المقال وهو "بص لنص الكباية المليان" "الصبر مفتاح الفرج" "إللى ميحطكش كحل فى عينه متلبسوش شراب فى رجلك" وما إلى ذلك .. ولكن سأقول لك ما أفشل فى أن اقوله لنفسى "لا تخلط بين الواقع والأحلام .. فالواقع واقع والأحلام أحلام .. ولكن من الحين للأخر حاول ولو مجرد المحاولة فى خلط الأتنين سوياً .. قد تكون أنت نقطة البداية !"

فى النهاية انا لا أعلم لماذا كتبت هذا المقال .. ولكنى كتبت لأنى أردت الكتابة، وما أراه امامى الأن هو مجرد سطور كثيرة من القلش تنتهى بإكلشية من أفلام الخمسينات .. ولكنى كما ذكرت فى البداية "قديم" حعمل ايه ؟!

مصطفى الشابى                       


واقعنا فى صورة

الأحد، 6 سبتمبر 2015

تشخيص شخصية

تشخيص شخصية

مساء الخير

يلعب فى مخ كاتب من كتاب القصص المأسوية والبوليسية -والكوميدية فى بعض الاحيان- الأن موسيقى ملحمية من مسلسلات الثمنينات المصرية وهو يناقش ويناقض نفسه فى أطروحة ليست بجديدة عليه وهى قصته الجديدة .. لم يهتم كاتبنا هذا لا بالحبكة ولا بالقصة ذات نفسها .. لم يهتم سوى بشئ واحد ! البطل وشخصيته .. وكانت أزمته التى أخرت ظهور قصته التى لم تكتب بعد الى النور هى "كيف له أن يكتب قصة لها بطل والبطل له شخصية والكاتب ذات نفسه مؤلف وخالق هذا العالم ليس لديه شخصية ؟ أو هكذا يظن !

إن أفتراضنا للحظة ان الكاتب هو انا –وهو ليس بحقيقى-، كيف سأرى نفسى ؟

سؤال مُحير للغاية .. ولكن من منا لم يحتار فى الإجابة عن هذا السؤال، فمن الممكن أن ارى نفسى فنان مرهف الحس لأبعد الحدود، او إنسان شقى وصاحب نكتة، شخص جاد للغاية -من البيت للكبارية ومن الكبارية للبيت- ، شخص معقد للغاية ولا يرى ان هناك من يضاهى مواهبه الفنية والحياتية ! ولكن فى الحقيقة أنا لا ارى نفسى فى هذه الشخصيات أو غيرها ! انا بكل تواضع شخصية بلا شخصية ! كهذا أرى نفسى بكل تواضع ! ولكن هل هكذا يرى الكاتب نفسه ؟

تستمر الموسيقى الملحمية بكل شِدة وعنف ليستمر هذا السؤال بالتكرار وكأنه صدى صوت إنسان رخم ! وكأن عقل الكاتب يرفض تلك الإجابة .. كيف له أن يتأكد ؟! إذا ذهب بالسؤال فلن يجد سوا اهله ليسألهم ولن يقتنع بإجابتهم مهما كانت لإنهم ببساطة أهله ! ولا يمكنه الذهاب لأصدقائه، لان ليس كل الاصحاب أصدقاء ولن تسلم -فى حالة كاتب القصة- من ألسنتهم ومن الـ"هزار" المُحبط ! وهنا نأتى لسؤال اخر هل يتقرب كاتبنا من الاصحاب الذين يشعرونه بالقوة والشخصية الفريدة من نوعها، ام يظل فى حالته تلك من التخبط والحيرة وعدم الأستقرار؟! ففى يوم يظن انه المتحكم فى كل شئ وفى يوم وكأنه هوا !

لمعت عينان الكاتب وهو يتناول فنجان الشاى الموضوع امامه منذ نصف ساعة وهو يفكر فى ان يكلم حبيبته الذى ظن فى بعض الأيام انه يحبها ليسألها عن الأيام الخوالى لعلها تفيده وتجيبه بالحق، ولكنه تراجع عن هذه الفكرة .. ليس خوفاً من رأيها فيه ولكن مهابة من ان يدق القلب معلناً عودة الحب بجسده من جديد !

يقول الكاتب "لقد فعلت كل شئ .. كنت المؤدب وكنت الصايع .. كنت الحبيب وكنت الخجول .. كنت الفنان وكنت الجاهل .. كنت البرئ الساذج وكنت الفتك واللى بيجبها وهى طايرة، لم أجد نفسى ولم يجدنى من حولى .. أشعر دائماً بنفور مِن مَن حولى ومن نفسى ايضاً ! أجيبها كده اجيبها كده هى كده !"

عاد الكاتب لوضعه من جديد وبدأ بالإستماع لدقات العود على مقام حُجاز لعله يواسى قلبه الذى جٌرح من "بنات أفكاره" منذ قليل ليتأمل فى بعض أسئلة الكون لعله يجد ضالته ! .. هل الحياة صعبة وحزينة ؟ هل تدفعنا دائماً لأن نكره انفسنا ؟ هل الإنسان وحيد فى هذه الحياة .. فمع كل هؤلاء المعارف لا يجد من يثق فيه مطلق الثقة ! ما فائدة الحياة إذا لم نستطع أن نحيا فيها بشخصيتنا ؟! وما هى الحياة ؟ هل هى سلسلة من الافعال التى نقوم بها لنظل أصحاء ؟ ام ورائها هدف تناساه البشر مع تعاقب الاجيال ؟ هل كلنا احياء ونستحق الحياة ؟ ام منا  من مات وهو على قيد الحياة ؟

تكاد ان تنفجر رأس الكاتب .. يشعر بضغط الدم بعروق رأسه يتزايد .. لا يريد الان إجابة اى سؤال .. كل ما يريده هو ان يسمع كلمة "كل شئ سيصبح على ما يرام" ويد تربت على ظهره.

"كل شئ سيصبح على ما يرام" ، اقولها للكاتب واطمئنه –او اصبره-  فمن وجهة نظرى البسيطة والبريئة عن الحياة هى الحياة جميلة للغاية .. أشبه بلحن لمحمد فوزى .. فمع حُزنها تظل جميلة وبها شئ من السعادة ..  إستمتع بها يا صديق .. لا تُشغل نفسك بكل هذه الأسئلة الحزينة والمكتشفة للذات .. فأنا لم احب يوماً الأسئلة النفسية تلك .. ليس لكرهى لنفسى ولكن لإنى اعلم ان الإجابة لن ترضينى ابداً .. فكلنا نرغب ان نكون أفضل من خلقوا على هذه الأرض وهذا ليس عيب .. ولكن حظنا ان الكمال ليس له مكان على وجه الأرض ! ولن تسعد بالتأمل فى امور الكون والحياة . لان لكل امر لا يعجبك حكمه لن تتوصل لها بعقلك ابداً، لذلك عِش كما أنت لنفسك وليس لاحد .. هنا فقط سوف تستطيع ان تجد لقصتك ملامح وهنا فقط قد نقول أنك وجدت البطل !


مصطفى الشابي



الاثنين، 27 يوليو 2015

وتبقى الموسيقى

وتبقى الموسيقى

مساء الخير..

نحن نشتهى حديثاً نرتوى منه الأمل والأمان والحب ! قد إنتهى كل شئ، كل ما رغبنا يوماً فى تحقيقه وتحويله من مجرد أحلام بخيالنا إلى حقيقة مُثبتة .. "لا شئ يبقى على حالة" هكذا قلت لنفسى وانا اسمع الموسيقى الحزينة وأفكر فى كل ما رغبت فيه يوماً وأدبرت عنه .. أحلامنا التى تأخذ من يومنا كل وقته ومشاعرنا التى نقضى الليل كله نبكى بسببها .. كل شئ يتغير من حولى حتى انا ! ولا أستطيع التحكم فى تلك القوة الإلهية التى تتولى زمام هذا الأمر .. ولكن الشئ الوحيد الذى يبقى كما هو، هو إستماعى للموسيقى حتى أصل للحظة النشوة وهى تزامن ضربات قلبى من ضربات البيانو الناعم.

إن أصعب ما فى الحياة هو انها غير مستقرة .. وأصعب ما فى المشاعر انها غير مفهومة ! لا تعلم حقيقتها إلا بعد فوات الآوان، فعندما تمُر بشعور مُعين تتسأل "هل تلك المشاعر من نسج الخيال ام هى حقيقية ؟ هل هى مجرد نزوة وستنقضى ؟ ام ستطول تلك المشاعر ربما .. للأبد ؟!"، ما أدركه بكل حواسى ولن يتغير مع الوقت والزمن هو أن الإنسان عندما يصل لمرحلة مُعينه من حياته يبدأ بفقدان الإيمان بأحلامه ومعتقداته وبإمكان ان يصل الأمر فى بعض الاحيان إلى فقدان الإيمان بمن حوله .. ويبدأ بالإيمان بشئ واحد فقط ! أن الحياة مجرد عُمر سينقضى .. وما هو سوى ترس فى ماكينة عملاقة لن يؤثر فيها مثل غيره من البشر، ومن هنا يبدأ الإيمان بالروتين .. ولكنى مازلت اؤمن بأحلامى كلها، ما زلت أحكم قبضة يدى عليها بكل ما أوتيت من قوة ! لن أجعل أحلامى تنساب من بين يدي .. لن أصبح مجرد ترس فى ماكينة ولن أكون شبيه لأحد .. أو هكذا أظن !

يقولون ان الموهبة هى الشئ الوحيد الذى لا يموت .. تماماً مثل الفكرة .. ولكنها قد يدفنان أحياء ! إن أكثر ما يرعبنى فى هذه الدنيا هو شيئان .. منهم هو أن أدفن موهبتى لفقدان إيمانى بها فى مرحلة من عمرى كما ذكرت من قبل، يا إلهى ! .. كم أتمنى أن اؤمن بنفسى وبموهبتى كما اؤمن بك يا الله .. فهل حان الوقت لتلهمنى بشئ من الصبر المُفعم بالأمل ؟

أريد ان أنهى هذا المقال بصوت عبد الحليم .. لا كلام مكتوب .. مجرد صوت عبد الحليم يبدأ حتى يتلاشى شيئاً فشيئاً .. ليأخذ مكانه صوت تفكيرنا .. تفكيرنا فى ما كان وما يكون وما سوف يكون. او لا .. لا لزوم للتفكير فى شئ قد يتغير فى المستقبل القريب .. ليعلو صوت الغناء على كل شئ .. ولتبقى الموسيقى هى الشئ الوحيد الثابت اللى لا يتغير فى هذه الدنيا.

"ونغنى اغانى جديدة .. مليانة حكاوى سعيدة"


                                                            مصطفى الشابى            


الجمعة، 26 يونيو 2015

"تنميل" منتصف الليل

تنميل منتصف الليل

مساء الخير ..

فى طريق السفر الطويل جلست اتأمل فى الطريق والجبال من نافذة السيارة، لم أشعر بأى شئ سوى زجاج النافذة البارد على خدى الذى بدأ ان ينتابه تلك الـ"تنميلة"، اعتدل فى جلستى بإمالة رأسى الى الوراء ثم اتنفس القليل من الهواء بصعوبة .. تمنيت ان انام بضع ساعات قليلة حتى الفجر لأتنفس هواءه العليل ولكن انتهى بى الامر بالأستماع الى صوت ام كلثوم حتى وصلت الى كوبليه "وهلّ الفجر بعد الهجر بنوره الوردى بيصبح"، استنشقت هواء الفجر بهدوء حتى امتلأ صدرى وشعرت براحة نفسية عن ذي قبل ثم التقطت كشكول قديم كان بالسيارة وقلم رصاص لاختى وبدأت بالتدوين.

نسيم الفجر له رائحة مميزة، عطر الأمل وراحة البال .. لم أشعر فى يوم بالخوف فى توقيت الفجر بالعكس دائماً ما كنت أشعر بالخوف من مشهد الغروب وسيطرة الظلام الأسود على هذه البقعة من الأرض، وما يفعله القمر فى بعض الأيام من تأثير لم يقلل من هول رعبى شيئاً بل زاده وهنا نستشف لماذا لن أقول لحبى الوحيد الذى سوف اجده فى يوم من الايام "انتِ زى القمر" ببساطة لانه يصيبنى بالاكتئاب والحزن .. من الممكن ان اقول لها انها تشبه نسيم الفجر البارد الذى يجدد بداخلنا الأمل بأن يوماً أفضل سوف يأتى ويجدد الهواء الراكد برئتينا لنبقى أصحاء ما شاء لنا القدر والدهر.

"نفسى فى كوباية شاى" قلت نفسى وانا افكر فى ما سوف اكتبه فى السطور القليلة الباقية فى الكشكول .. تمنيت ان يكون امامى كوب دافئ من الشاي المظبوط حتى يتم تعمير الطاسة واشعر بأنى لست وحيد فى هذا الطريق الطويل .. فكانت –فى لحظتها- كوب الشاي هو عزائى ورفيقى الوحيد .. لم أشعر بوجود السائق .. كان وجوده باهت للغاية فى هذه الرحلة .. كأن المركبة تسير وحدها ! تذكرت هنا قول صديق لى عندما نسأله "انت رايح فين بالعربية ؟" يقول لنا بهدوء وعدم إكتراث "هى عارفة طريقها !" .. لازالت الـ"تنميلة" موجودة بخدى الايمن .. ولكنها سوف تنتهى الأن .. بمجرد ان يلمسها بعض من هواء الفجر النقى الهادئ .. تخليت عن فكرة وجود كوباية شاى فى هذه الظروف وعدت الى كشكولى الصغير !

الأمان ؟ نعم الأمان ! .. الأمان هو الحب .. وهو ما لا أشعر به الان ! .. الطريق مظلم للغاية والحب يجب ان يكون فى النور وللنور .. الأمان هو تلك الترنيمة الهادئة التى يدندنها عقلك وقلبك عند شعورك بالخوف، ترنيمتى هى "..."، انا ليس لدى ترنيمة، مع كل تلك الأغانى التى اسمعها لا يوجد أغنية واحدة تشعرنى بالأمان ؟ ياله من عار ..دعونى اتذكر .. نعم !، ما يشعرنى بالأمان هو يد أمى وهى تربت على ظهرى وتقول لى "كل شئ سوف يكون على ما يرام"، اظن ان هذه هى ترنيمتى !

إلى اين انا ذاهب فى هذا الطريق اللعين ؟ انه لا ينتهى ! وما اراه على جانبى الطريق لا يوحى بأن هناك نهاية جيدة لهذا الطريق، مجرد ظلام ..  لماذا اخاف الظلام ؟ الظلام يوحى بالضياع والوحدة وانا امقت تلك الصفتين .. والمشكلة الكبرى ان هذه الرحلة الغريبة التى قد تم اقحامى فيها بدون اخذ رأيى ولو اعتباطياً لم تتكون سوى من تلك العاملين .. فرغم من ان هناك من يشاركنى الرحلة الا انى لا اعرف من هو ولا إلى اين هو ذاهب فى ظلام الليل .. يجب ان احتفظ بهدوئى .. "كل شئ سوف يكون على ما يرام" بمجرد ان تختفى الـ"تنميلة".

ذكرت الحب فى السطرين الفائتين .. نعم الحب هو شئ لا يوصف فهو معقد للغاية .. يشبه سحر القصص الخيالية وايضاً ممكن ان يتحول لتعويذة شريرة من تعاويذ الأسطاير الخرافية ! ولكن لا الومه هو على شئ، فالحب ليس سيئ .. نحن كذلك ! ولكن إذا قمت بوصف دقيق مبسط للشخص الذى يقع فى الحب فهو يصبح تماماً مثل خدى الأيمن .. "منمل"، لا يشعر بأى شئ إلا فى النهاية إما بقبلة رقيقة على شفايفه او عصاة غليظة على رأسه !

"لا أريد ان انهى الكتابة" قلت لنفسى وانا اريح يدى قليلاً ..  فأنا مستمتع للغاية، أشعر كأن كتابتى أصحبت مثل الطريق .. لن تنتهى ابداً، كم أتمنى ان يقرأ الكثير ما أكتبه من خواطر ولكن اعود واسأل نفسى "ماذا سوف يعود على بالنفع من قرائتكم هذه ؟" لن يضيف الامر لى شئ سوف ان ارضي غرورى، أسف لأعترافى هذا ولكنها الحقيقة .. هل لهذا أصبح شخص سيئ ؟ ام انا أثبت لنفسى انى محب للأضواء والشهرة إلخ ..، ولكن كلنا لدينا مثل هذه الاشياء فى شخصيتنا ولا يمكن أن نحاسب عليها حساب العقلاء !، على الأقل انا أعترفت، يوجد غيرى من ينطبق عليه "كذب الكذبة وصدقها".

عُدت الى الكشكول مرة اخرى وأستكلمت خواطر الطريق الطويل، عودة الى الحديث عن الفجر .. إنى بدأت بسماع صوت الطيور وهى تغرد تغاريد الصباح، من الأشياء التى لطالما رغبت بها وانا طفل و وانا بالغ هى أن أملك القدرة على التحليق، الحرية هى أن تفعل ما تريده وتشعر به .. أريد ان أهرب من روتين النظام ولو ليوم ! وأحلق فى السماء الواسعة لأجد نفسى جالس أمام برج إيفيل ومعى فتاة جميلة تأخذ معى قهوة الصباح .. انا لا أطلب الكثير فى الحقيقة، ولكنى اطلب المستحيل ! ولكن هذه هى الأحلام أليس كذلك ؟!

لا أكاد أشعر بخدى تماماً .. ولكننا على مشارف الإنتهاء من الرحلة فأنا ارى ضوء من زجاج السيارة الأمامى قادم نحونا .. ولكنى لا أستدل اى شيئاً عنه ! إما هو نهاية الطريق ووجهتنا التى المفترض ان نصل اليها، او سيارة قادمة امامنا .. فى كلا الحالتين سوف تنتهى الرحلة ! إما بطريقة سعيدة أو بطريقة تراجيدية مأسوية.

أغلقت الكشكول ووضعته بجانبى ومعه القلم الرصاص وجلست للإسترخاء قليلاً وإذا بالضوء يشتد وتعلو الأصوات وانا لا أعلم اى شئ ولا حول لى ولا قوة سوى ان أغلق عينى بقوة واقول لنفسى "كل شئ سيصبح على ما يرام" ولكنى أدركت أن لا يوجد فائدة من الهرب وفتحت عينى بحذر شديد لأكتشف ان الرحلة قد إنتهت واذا بى جالس على سريرى ولا أشعر بأى شئ سوى بألم شديد صادر من خدى الأيمن، لقد كان حُلم كالعادة ! حُلم عن هذا الطريق الذى سلكناه جميعاً ولكن لكل منا وجهته الذى يتمنى أن يصل إليها بدون أن يصتدم بعربات اخرى قادمة عكس الإتجاه .. وإذا كنت قد تعلمت شي من هذا الحلم فهو الا انام على خدى مرة اخرى حتى لا أصاب بـ"تنميل منتصف الليل".


مصطفى الشابى

الاثنين، 8 يونيو 2015

هواجس شارع محمد على

هواجس شارع محمد على

مساء الخير ..

تنتابنى فى كل مرة أتناول فيها قلمى واعقد النية على الكتابة رهبة عدم إيجاد ما أكتبه .. مجرد هاجس يهمس بإذنى "ما انت كتبت عن كل حاجة ممكن يتكتب عليها" ويجب أن اتفق معه فى الرأي فانا بالفعل قد قمت بالكتابة عن اشياء عديدة .. اكثرها كان الحب وأهيمته للإنسان وعن بحثى الدائم والمستمر الذى لم ولن ينتهى عن الحبيب المجهول والذى اتقمس فيه دور حسين صدقى بإنتظار حبيبته ليلى مراد .. التى كما قلت لن تظهر ابداً .. ولكن لدى القليل من الأمل ! ، هذه المرة احاول ان أكتب لكم عن هذا الهاجس الذى يصنف الأن بأنه "عدوى الغتت" .. ولكن مع الوقت والتفكير أكتشفت شئ واحد بسيط للغاية .. انه ليست مجرد هاجس !

طريق العظمة والمجد هو طريق ملئ بالضباب والمطر مما يجعل الرؤية متعسرة للغاية وبالمضى اماماً فيه تجد على اطرافه احلاماً محطمة لمن هم مثلك ولكن قُدر لأحلامهم ان تنتهى فى هذه البقعة من الطريق .. ولكن ما يجعل الامر يستحق المحاولة هو ما يوجد بنهاية هذا الطريق وهو : فتاة جميلة مُكللة رأسها بتاج من الورود تستقبلك بإبتسامة رقيقة وتقول لك "أتأخرت ليه يا سعت البية ؟" ثم تُرفع الستارة وها انت .. بمكانك الذى رسمته لنفسك .. وهذا هو أعزائى الهاجس .. الهاجس الذى تحول من كونه هاجس إلى خوف !

أصبحت حياتى عُبارة عن أيام لا افعل بها شئ سوى ان افكر فى مستقبلى الذى يحول بينى وبينه عوائق المجتمع، المظهر العام والتفكير فى المستقبل ذات نفسه ! وشعورى ان على اتخاذ خطوة جادة تحدد مصير ذلك المستقبل المشوش  ولكن يمنعنى شئ .. أفضل ما يتم وصف هذا "الشئ" بكسل ناتج من تفكير زائد .. وهنا أتخيل نفس الطريق ووالدتى فى هذه المرة واقفة بينهايته وتنادى بإسمى وتقول "مصطفى لو المجد والعظمة والشهرة بردّوا مش حسخنهملك !" مما يحتم على سُرعة قيامى وهز ما يهتز بجسدى والمضى فى الطريق !، اما الايام الاخرى فأجلس افكر فى تفكيرى الذى كنت افكر فيه من بعضه ايام وهو بالطبع شئ محبط لانك لم تصل لاى شئ فى المرة الاولى .. فبالطبع لن تصل لأى شئ فى المرة الثانية ! ، وهناك ايام احاول التفكير فيها بأى شئ ولكن كل ما اشعر به هو "لا شئ" مجرد شعور بالخواء والفراغ .. وهنا يبدأ الهاجس بالتحول الى خوف .. بُعبُع كبير !

الخوف عندى هو شئ مختلف، لم اخشى فى يوم الظلام .. ولكنى خشيت مما يقبع فى الظلام .. فالظلام معروف ولكن ما يوجد بداخله هو ما قد يثير القلق ! ، عندما يشتد علّى الخوف من المصير الذى ينتظرنى فى ظلام الطريق .. من شعورى بالخواء وما قد ينتج عنه من إنسان فارغ مثل باقى الناس، لا يفكر سوى عن طريق ليأمن له ولاولاده لقمة عيش .. من خوفى من حياة قد تنتج بسبب خوفى وتفكيرى الزائد .. يتحول كل ذلك إلى خوف طفل صغير .. يبكى خوفاً من شعوره انهم سيأخذون مصدر سعادته الوحيد واقول لنفسى فى حوار فلسفى "خايف لا يوم مصحاش الصبح واسمع صوت دين مارتن" ! قُلت لنفسى وانا امسح دِمعة وصلت لذقنى "خايف لا يوم اما افشل انسى كل الحاجات اللى فى يوم حبيتها وعملت منى الإنسان اللى بقيت عليه !"، مراحل كثيرة من الخوف تجعل من نفسى تجاه انظُرى شخص غير جدير بأى شئ سوى الجلوس على كرسيه الخشبى ومتابعه اخبار النجوم على احد المواقع الصفراء .. هذا النوع من الخوف هو "عدوى الغتت" الذى اتمنى ان يموت او يذهب ببعثة إلى افغنستان بلا رجعة.

المشكلة الكبرى فى مخاوفى انها اخذت اكثر مما تستحق من تفكير حتى تحولت من مجرد هاجس من هواجس شارع محمد على إلى شئ اقرب من الحقيقة منتظرة التحقق ! الموضوع اكبر بكثير من مجرد هاجس عدم القدرة على الكتابة او عدم المقدرة على اتخاذ قرار بخصوص شئ معين او حتى عدم المقدرة على اختيار ملابسك فى الصباح خوفاً عليها من ما قد يحدث لها فى الشارع، اصبح الامر خوف على نفسك من مخاوفك وما سوف يصدر عنها من نتائج. ولكن هذا ما يحدث عندما تعطى الاشياء اكبر من حجمها .. هذا هو ما يحدث عندما تنظر لظل الذبابة وتتخيل انها تنين يقبع لك فى الظلام ! ، لكن فى النهاية تبقى الذبابة ذبابة والظل يختفى مع اول شعاع نور ينساب الى الغُرفة !

عملياً لا يوجد حل لمثل هذه المشاكل .. فالخوف هو طبيعة فى البنى آدم لكن لا تعطيه اكبر من حجمه، لذلك هنا اقتبس قول صديق لى "سيب المركب تمشى" وحاول تحقيق حلمك والمضى فى الطريق .. ولكن عندما تفشل وسوف تفشل مرات عديدة .. تأكد فقط إنك لن تترك أحلامك ملقاه على الطريق لتلقى حتفاها المميت .. ونصيحة أخوية : لا تنتظر كثيراً للبدء فى المشوار .. لان المشوار طويل ولو الشهرة والمجد بردّوا ماما مش حتسخنهملك !


مصطفى الشابي


الثلاثاء، 19 مايو 2015

ما بين الدو والدو الكثير من الذكريات

ما بين الدو والدو الكثير من الذكريات

مساء الخير ..

المزيكا عاملة زى تسجيل الذكريات .. كل نغمة وكل تون بتسمعه له معاك ذكرى أو موقف، وساعات بتبقى عاملة زى منشط للذاكرة .. كوبلية واحد ممكن يفكرك بعمر راح او يخليك تتنبأ بعمر جاى .. وساعات بتبقى الشرارة اللى بتخليك تبدأ حاجة جديدة .. المزيكا شئ غير متوقع تماماً عشان كده لازم تشاركنا حياتنا ونغِير على مزيكتنا الحلوة اللى بنحبها من المواقف السيئة والأشخاص السيئة اللى ممكن تخلينا نربطها بالموقف او الشخص الشئ ده.

"يابا يابا على اللمونة وادى رقصة المجنونة"

انا مقرر فى المقال ده انى اكتب اى شئ يجي على بالى من غير ما أفكر ايه علاقته باللى جه قبله او حيجى بعده وده ممكن نقول نوع من انواع ترويض الموهبة .. إزاى تتمرن انك تستخدم موهبتك فى الوقت اللى انت عايزه مش الوقت اللى هي تحددهولك .. بمعنى أخر "الوحى"، معتقدش فى اوحش من انك تبقى عايز تكتب حاجة فى بالك او حاسس بيها بس مش قادر عشان الوحى لسه مجاش .. واما يجى تبقى انت فى الحمام بتستحمى وبتغنى "يابا يابا على اللمونة" او نايم وتصحى الساعة 4 الفجر عشان فى فكرة فى دماغك او مثلاً تبقى فى الشارع وقاعد فى المشروع بين اتنين تحس من هيئتهم انهم اولاد جزارين ! ..واما تروّح وتقول حعمل الفكرة اللى جت لى، تلاقى فى طوبة كبيرة واقفة بينك وبين افكارك ومشاعرك ومطلعة لك لسانها وبتقولك "لا لا عدى علينا بكرة".. ساعتها بس بحس قد ايه انا عاجز ! وساعات بحس ان عجزى ده حيكون سبب فى جنانى لأنى بسأل السؤال المعتاد "هل اللى عندى دى موهبة ؟ ولا مجرد أعراض فراغ عاطفى بداخلى ؟"

"ادى الربيع عاد من تانى والبدر هلت انواره"

السؤال الجاى ده احتار اكبر واعظم ناس فى العالم فى الاجابة عليه امثال : تشرشل، اينشاين، موزارت ، نادية الجندى، عم رجب البواب واخرهم فريد الاطرش .. السؤال هو .. "انهى فصل احلى الصيف ولا الشتاء ؟" سؤال سئيل جداً .. حاجة شبه السؤال الازلى اللى اتسأل لكل اطفال البشرية "بتحب ماما ولا بابا اكتر يا حمادة ؟" وده يخلينا نسأل .. مين حمادة ؟! .. وممكن بسبب انك محتار متعرفش تجاوب عليه وتفشل زى ما اللى قبلك فشلوا .. او تجامل الفصول كلها زى ما عمل فريد الاطرش وفيفالدى ..  او تجاوب إجابة سئيلة "والله الاتنين حلوين يا طنط" إجابة مايصة .. متفهملهاش معنى .. وعشان كده القانون بيقول متسألش اسئلة متعرفش تجاوب عليها ! بس الفكرة ليه مش بنلاقى اجابة لاسئلة معينة ؟ هل عشان خايفين نلاقى واحدة ولا خايفيين نلاقى وسط الطريق اسئلة تانية منعرفش نجاوب عليها ؟ .. انا شخصياً لو اتسألت السؤال ده .. ففى فترة من حياتى كنت حقول الصيف عشان اجازة وبحر وبلبلطة .. وفى فترة اخرى حقول الشتاء عشان ببساطة مش حتضر اخش استحمى اكتر من مرة فى اليوم .. ولكن دلوقتى ممكن اقول من غير مجاملة  ان الفصول كلها حلوة طالما الناس اللى بتحبهم معاك وبيشاركوك الحر والساقعة .. ولكن لو عايزيين اجابة محددة .. فإختياري حيكون الشتاء من غير تفكير.

"لسه فاكر ؟ كان زمان !"

انا فاكر زمان بقى وانا فى المدرسة أنه كان نفسى يكون اسمى محمد .. كان نفسى اكون زى الولاد التانية اللى معايا فى الفصل اللى كان كلهم تقريباً اسمهم محمد وكانوا بالنسبة لى أطفال حلويين وموهوبين وبيلعبوا كورة ويعرفوا اسماء ناس ولعيبة ومغنيين وبيجيبوا لبس من محلات مشهورة .. كان اقصى طموحى كطفل انى احس انى زيهم مش بقول انى كنت طفل محروم بالعكس انا كنت مرفه بس التعبير الصحيح "شبههم"، ويمكن ده سبب انى كنت بكره المدرسة جداً .. لانى كنت وحيد .. قليل ما كنت بلاقى طفل شبهى فى شعورى بالإختلاف.. ومع الوقت وكل اما كبرت وحاولت اندمج احس انى مش انا .. انى بتصنع وبتقمص شخصية واحد معرفوش .. لغاية اما استقليت بشخصيتى تماماً وهنا اكتشفت شئ .. إختلافى ده أحسن شئ حصل لى فى حياتى .. انا شخصية فريدة من نوعها بسلبيتها وإيجابيتها .. بدأت احس بالفخر وأمشى فى الشارع رافع رأسى بدل ما كنت ببقى مطاطيها وانا صغير .. يوم ما مشيت وانا رافع راسى بواجه الناس كلها وببص لهم فى عنيهم .. هنا بس كنت فخور ان أسمى مصطفى .. مش محمد !

"الله محبة، الخير محبة، النور محبة"

الله محبة فعلاً .. انا بيصعب عليا الناس اللى شايفه الدين مجرد قوانين ولوازم مفروضة عليك، وكأن الدين مجرد نظام دايت لازم تمشى عليه لغاية ماتموت، الدين ابسط من اللى بنفكر فيه وابسط من ما نحن متخيلين .. من وجهة نظرى البسيطة الدين علاقة بين فرد وربه .. بدون تدخل افراد وشيوخ فيه، وان الدين هو اى شئ خير لا يضر البشر يحسسك انك بتقرب من ربنا وانك بتسعده .. بس كده ! مش بقى الصورة المرعبة اللى بتنقلها إذاعة القراءن الكريم بإنها بتجيب كفار بأصواتهم الضخمة دى ويقدموا البرامج!  لو اعتمدنا للحظة على مُخنا وبدأنا نفكر فى الدين بنفسنا حنلاقى الموضوع اسهل واجمل مما نتصور .. بلاش تخلوا الشيوخ يفكروا لكم فى كل حاجة .. ربنا قال تبدروا فى اياته .. مقالش خلى حد يتدبرلك.

"لكن سماءك ممطرة وطريقك مسدوداً"

ودلوقتى بعد اما اتممت عامى العشرين بتخيل حياتى القادمة حاجة من أتنين .. الأولى انى اكون موظف حكومى سئيل ورزيل طالعله حسنة جنب شنبه التخين وعنده كرش كبير ومدلدل النضارة اللى مربوطة بسلسلة دهب على منخيرة ومعطل مصالح الناس عشان بيسأل "مين الخسيس اللى اخد القلم الرصاص بتاعى؟" وبصراحة بكره حياتى وبفتكر عبد الحليم وهو بيقول طريقك مسدوداً يا والدى اما بعتقد ان دى ممكن تكون حياتى فعلاً ، التانى انى احقق حلمى وابقى فنان مشهور والناس كلها بتحبنى وعندى فِلل وقصور وعمارات ومتجوز واحدة حلوة اوى .. بس من كتر ما هو مثالى بحس انه مش حيتحقق بردو .. وبيطلع لى عبد الحليم تانى وهو بيقول "طريقك مسدوداً يا والدى" .. عشان كده اتصور انى ممكن اقع فى حياة فى النص، انا عندى أمل فى ربنا كبير ..وعندى ثقة فى نفسى .. بس بتمنى من كل قلبى انى أحتفظ بحبى للجمال والفن بكل انواعه، وانى موصلش لمرحلة الكرش والنضارة المدلدلة. دعواتكم.

                                                               
        مصطفى الشابي