الاثنين، 23 مايو 2022

في انتظار غودو !

                                                             

مساء الخير 


"بعض الاشخاص يقولون ان الفن يحاكي الحياة، ولكن في وجهة نظري ان الحياة تحاكي مسلسلات التليفزيون المكتوبةبرداءة


هكذا قال وودي الين في احد افلامه وهو يصف الحياة ومواقفها .. فاذا قمت برؤية بعض من المواقف التي تحدث في الحياةباحد المسلسلات ستقوم بعدم تصديق ما يحدث امامك لانه ببساطة منافي للقواعد الدرامية وخط الاحداث وطبيعة الشخصيات.. وقد يري البعض ان هذا ما يجعل الحياة تستحق العيش .. ان كل القواعد معرضة للكسر، وكل شئ مهدد بالتغيير في لحظة.. وكما قلت في مرة من المرات السابقة .. "اذا كان الزمن بيتيغر يا مصطفي .. مش عايز انت كمان تتغير ؟!" 


"ولكاتب هذه الرسالة اقول


دائماً كنت اتمني ان اعمل ببريد الجمعة .. حتي لو بوسطجي ! .. كم كنت استمتع بقراءة المقالات المجمعة للكاتب الكبير عبدالوهاب مطاوع ورؤية منظوره الشخصي في بعض المشاكل في تلك الفترة .. واري في نفسي شخصية المثقف الهادئ الذيقرر ان يهب نفسه للجمهور ويحل لهم مشكلاتهم العويصة .. وكانت ايضاً بمثابه نافذة لي الي المجتمع المصري فيالتسعينات .. لأتأكد ان الحياة لم تكن وردية كما يصف لي اهلي .. فقد أمنت بكذبة ترددت علي اذاننا جميعاً وهي كذبة الزمنالجميل .. وان الحياة قبل ان اولد كانت رائعة و سهلة ولا يعاني الناس المحترمون والمؤدبون فيها .. فهنا اتذكر مقولة للكاتبيوسف السباعي في رواية ارض النفاق "إن الإنسان .. هو الإنسان .. غشاش .. مخادع .. كذاب منافق .. في كل أمة .. فيكل جيللا تقولوارحم الله آباءنا وأجدادنا .. لأنهم كانوا خيراً منا، وأفضل خلقاً .. لا تقولوا ذلك .. فما كانوا يقلون عنا رداءةوسفالة.” 

فلا انصح بالتفكير بأن الماضي اكثر اماناً وراحة من الحاضر .. فالماضي لا يختلف عن الحاضر سوي انه مضي ! 


"الشيك شاك شوك


اشعر دائماً اني لا اصل الي شئ .. هل ذلك لعدم وجود لي هدف محدد في الحياة ؟ فأنا اعيش اليوم بيومه .. اشعر ببعضالمشاعر كل يوم وتنتهي بإنتهاءه .. كنت في فترات مراهقتي اشك في نفسي كثيراً .. هل سأصل يوماً ما الي حلمي ؟ هلسأنجح بالامتحان ؟ هل سأعمل بعد الدراسة ؟ هل سأقابل حب حياتي ؟ .. الاسئلة كثيرة ولكن بلا اي اجوبة .. بعد مرورالوقت والسنين وانغماسي في دائرة الحياة، تذهب بيا الريح مطرح ما تستريح .. اجد نفسي اتوقف عن طرح الاسئلة .. وانتظر الايجابات .. فقط انتظر .. في انتظار غودو ! لآصبح كمن رقصوا علي السلالم .. لم اصل الي اي شيئ سوي انرحلتي تغيرت من الشك .. الي الشيك شاك شوك ! 


"ياللي بتسأل عن الحياة"


هل يأتي غودو في نهاية الرواية ؟ ونحظي بالنهاية المنتظرة ؟ ام سنظل جالسين في انتظار السعادة علي امل ان تأتي في ايوقت ؟ ليس هجومي هذا علي الحياة اعتراضاً مني علي متاعبها ومساوئها .. فأنا اعلم جيداً ان السر في السعادة هو الرضا.. فهجومي ما هو الا لاني اعلم ان يوجد في الحياة ما يستحق ان نستمتع به .. المشكلة فقط انه ليس لدينا الفرصة ولا الوقت.. فحتي يحين هذا الوقت اتمني يا عزيزي ياللي يتسأل علي الحياة ان تأخذها كده زي ما هي ! 

الجمعة، 25 أكتوبر 2019

لقد وجدتها !!!


                  لقد وجدتها !!

"لقد وجدتها !!"
هكذا صاح العالم اليوناني ارخميدس وهو يجري عارياً من منزله عندما اثبت ان التاج الجديد لملك سيراكوس لم يكن من الذهب الخالص وان الصائغ قد قام بغشه .. وذلك عندما انغمس في الماء في حمام عام، هنا أدرك أن الماء المستبدل بجسده يساوي وزن جسده ..مما جعله يدرك ان هذا الاكتشاف سيحل لغز التاج فخرج من الحمام مسرعاً يركض في الشوارع عارياَ يهتف "وجدتها ، وجدتها !" وتطور هذا الاكتشاف فيما بعد لما عُرف بقانون الطفو !

الامر بالنسبة الي مشابهاً الي حد ما فيما يخص الاكتشافات .. يختلف الامر في انه ليس اكتشاف علمي سيغير الكون .. وانني اكتشفته وانا اردتي كامل ملابسي .. الأمر كما يلى، منذ فترة طويلة وانا اعاني من اكتئاب عنيف .. اشتد وطأه في ايام او خف في اخري .. كان يجب علي الاعتراف انه موجود .. ولكني احترت في سر وجوده ! بالطبع كان من الممكن ان اقوم بسؤاله ولكن من عدم الاحترام ان تسأل ضيف عن سبب زيارته ومتي سيرحل .. مهما طالت المده او قصرت .. حتى وإن كرهت وجوده فى منزلك ..هكذا تعلمت منذ الصغر وهكذا علمني اهلي والكتب !

لذلك كان علي ان ابحث في الامر .. اقوم بإستخدام القليل من خبراتي في الجاسوسية التي اكتسبتها من مشاهده افلام جيمس بوند لإكتشاف سر هذا الاكتئاب المزمن .. فى البداية ظننت ان ظروف عملى هى التى دفعت الاكتئاب لزيارتى .. فبالتأكيد ان تعمل لاكثر من اثنى عشر ساعة فى اليوم كافلين بجعلك ان تفقد عقلك .. واقتنعت بهذا لفترة طويلة بالذات انها لم تكن وظيفة احلامى .. لطالما اردت ان اعمل فى مجال اخر .. إلا انه لم يكن هذا هو السبب، ظننت انها بعض المشاكل العائلية .. ولكن لنتحلى بقليل من الصراحة ! لا أحد حياته العائلية خالية من المشاكل ! فبعض الاحيان تشعر ان عائلتك واصدقاءك كلهم ملتفون حولك يعطونك الدعم النفسى الذى تريده .. وبعض الاحيان تشعر انك وحيد تماماً ! .. ولكن ايضاً لم يكن هذا هو السبب !

وفى يوم من ايام الشتاء اللطيفة .. حيث يداعبك الهواء البارد وتلاطفك قطرات الشتاء الخفيفة .. ـــ حتى يتحول الامر مرة واحدة إلى التهاب فى الشعب الهوائية .. اعذرونى لم اكن ابداً من محبين الشتاءــــ كنت اقوم ببعض القراءة الخفيفة .. حتى جاء امامى اكتشاف ارخميدس لقانون الطفو والقصة اللطيفة لخروجه عارياً معلناً انتصاره ب "قد وجدتها !" ل تنير اللمبة فوق رأسى معلنة عن مجئ فكرة تنويرية اقرب للأكتشافات كانت ستجعلنى اقوم من الكافيتريا بدون دفع الحساب هاتفاً فى الشارع .. لقد وجدتها .. وجدتها !"

مع دخول فصل الشتاء وتغير المناخ ورائحة الجو .. اصبح يصيبنى الحنين إلى الماضى .. حتى وإن كان هذا الماضى ليلة امس ! .. بدأت احن لبعض المواقف التى قد تكون لمعظم الناس غير مميزة بالمرة بل بالعكس قد يراها الناس انها ذكرى سيئة تدعو للضيق .. مثل ذكرى اول مرة شاهدت فيلم معالى الوزير عندما كنت مصاب بالحمى ! اما البعض متكرر لا يوجد به شئ مميز .. مثل ذكرى مرة من المرات العديدة التى قمت بالاتفاق مع صديقى باللعب معه على البلايستاشن بعد الكلية ! كلها ذكريات لا شئ مميز فيها .. إلا انى احن اليها كثيراً واحزن انها لن تتكرر مرة اخرى ! ولكن الامر لم يكن هكذا ايضاً .. كان الموضوع اعمق من هذا .. وهو اننى اظن اننى اشتاق لنسخة من نفسى كنت عليها فى يوم من الايام .. ولكنها اختفت او تغيرت مع مرور الايام لتصبح شخصية اخرى .. اشعر تجاهها بالغربة ! وبالرغم من سعادتى بإكتشاف سر وجود الضيف الثقيل عندى فى غرفتى .. إلا انى استمريت فى الحزن .. لان ببساطة لن استطيع ان امحى هذا الشعور بالاشتياق والحنين !
فكان يجب على ان اتركه يأخذ مجراه المعتاد .. لينتهى فيرحل على انتهاءه الضيف الثقيل !

ثم قابلت صديق لى من ايام المدرسة .. وحكيت له عن هذه المشكلة ويليها الاكتشاف الذى اكتشفته .. وقال لى شئ اصنفه من الاقوال المأثورة فى حياتى التى اقتصصها من الكتب والافلام .. قال لى "الماضى لو كان عنده حاجة جديدة يقدمها مكنش بقى ماضى !" توقفت قليلاً وحاولت استيعاب الجملة .. ثم اكمل "اللحظة اللى انت بتقول عليها كانت حلوة ونفسك ترجع لها تانى دى خلاص .. لو كانت حلوة زى انت متخيل كانت كملت معاك او كانت اتكررت تانى بس كونها متكررتش تانى ده يجعلها مش بالعظمة اللى انت متصورها !" وجعلنى انتبه ايضاً ان من كثرت تفكري فى الماضى جعلنى اتوقف عن الاستمتاع بالحاضر .. فأصبحت بالبلدى "زى اللى رقصوا على السلالم" لم اطول الماضى الذى اشتاق اليه .. ولم استمتع بالحاضر الذى اعيشه ! مما جعلنى اتقبل قليلاً وضع هذا الاشتياق وانه ليس كما اتصور ! وانها كانت مجرد لحظة جميلة .. بالتأكيد سيأتى اجمل منها فى المستقبل !

وبعد كل هذا التفكير والاكتشافات قررت ان اقوم لعمل فنجان قهوة سادة لضيفى الثقيل .. كنوع من انواع اكرام الضيف .. إلا انى عندما خرجت من المطبخ وجدته يهم بالرحيل .. فودعته وعدت للمطبخ مرة اخرى، اضفت ثلاث معالق سكر وذهبت إلى البلكونة لاستمتع بقهوتى الزيادة وانا اشاهد المطر ينهمر على ضيفى الثقيل وانا اقول لنفسى "داهية ماترجعك !"

مصطفى الشابى


السبت، 6 أبريل 2019

مقاطع قصيرة وجميلة لعبد الحليم حافظ


مقاطع قصيرة وجميلة لعبد الحليم حافظ

الأغانى هى الصديق الذى يقف بجانبك عندما تشعر انك وحيد .. هى مجموعة من المشاعر المختلفة التى تجمعت فى عمل فنى واحد متكامل، لطالما تمنيت ان أكون مُطرب ولكن الله لم يرزقنى عذوبة الصوت ... لذلك قررت تعلم آله موسيقية ولكن ايضاً لم يرزقنى الله الصبر لأستكمال التعلم .. وبدت الصورة واضحة ان الله يريدنى أن اكون مستمع فقط .. وكأن موهبتى هى ان اصبح مستمع جيد ! ومع بحثى الدائم عن موهبتى الضائعة .. أجد نفسى دائماً اتجه نحو الاغانى .. متمنياً ان اصاب بالبرد واللوز ويتحول صوتى بعدها بمعجزة من الله إلى صوت بديع يُضرب به الامثال فى رقته وعذوبته .. ولكن حتى اصاب بدور البرد هذا .. قررت ان اشارك معكم بعض مقاطع قصيرة وجميلة لعبد الحليم حافظ التى "بتيجى عالجرح" .. اياً كان نوع هذا الجرح .. اترككم مع رفيق الاحزان لكل مهموم فى الوطن العربى.

"انا اللى طول عمرى بصدق كلام الصبر فى المواويل"

أعتبر نفسى من الشخصيات الصبورة .. الذى يمكنه تحمل الصعاب لفترة طويلة بدون ان يفقد اعصابه، لعل ذلك بسبب ذهابى للصيد مع ابى وانا فى الاعدادية :

 "الصيد بيعلم الصبر يا مصطفى"

جلست لفترات طويلة بدون حركة فقط للاستمتاع بلذة اصطياد السمكة .. وكانت هذه هى جائزتى كإنسان صبور .. السمكة ! ومع مرور الايام وتوقف ذهابنا للصيد إلا ان الصبر بقى معى كخصلة فى شخصيتى .. كلما وجدت نفسى فى ظروف صعبة ادركت ان فى نهايتها سمكة ! .. جائزة .. تقدير من الله على صبرى، ولكن اظن مع تقدم السن ومرورى بتجارب حياتية مختلفة .. مهاراتى فى الصبر لن تستطيع ان تواكب كل ما امر به .. لأجد نفسى اقول "ومنين نجيب الصبر يا اهل الله يداوينا" .. واتارى مثلما قالت الست .. "الصبر عايز صبر لوحده".

"حاول تفتكرنى .. حاول"

فى هذا التغير السريع وانتقال كل صديق وفرد من العائلة لحياته الخاصة واختلاف الظروف التى كنا نعيش بها من مجرد بضعه شهور كل ما اجد نفسى افكر به هو هل سنبقى على اتصال ؟ هل ستعود الايام كما كانت من قبل ؟ هل سنتحدى "سنة الحياة" ونستمر على الود والوصال ؟

فى يوم من الايام كنت اجلس مع اصدقائى والذى اعتبرهم بمثابة عائلتى الثانية بمطعم شهير .. واثناء كلامهم وانشغالهم بالسمر والضحك وجدت نفسى اقوم من مكانى وأقف لمشاهدهم جميعاً وهم يتحدثون .. مجرد وقوفى لمشاهدتهم وكأنى احاول الاحتفاظ بهذه اللحظة لاطول فترة ممكنة .. توثيق لهذا التجمع الذى لن يحدث لفترة طويلة ومن الممكن .. للابد ! قد تكون نظرة تشائمية للحياة ولكن هذه هى سنة الحياة .. كل منا ينطلق فى حياته فينشغل بما يحدث بها فينسى معارفه واصدقائه واهله .. ليصبحوا مجرد ذكريات نمسح دموعنا ونبتسم عندما نتذكرها .. لذلك اقول لكل من يعرفنى ارجوك .. مع كل ما تمر به "حاول تفتكرنى .. حاول !"

"إنى اتنفس تحت الماء"

دخولى مجال اقل ما يقال عنه إنى اكره .. وكلما كنت اسأل عنه فى ايام الشباب اقول بكل حزم "انا مش حشتغل الشغلانة دى ابداً" وابدأ برسم لوحة فنية بديعة عن حياتى التى تخيلتها لنفسى .. إلا انى وجدت نفسى بعد التخرج اُقحم فى هذه الحياة التى امقتها .. وفى يوم وليلة أصبحت تحت الماء احاول اجد اى وسيلة لكى اتنفس ... لكى احيا .. لكى استكمل حياتى .. ومع مرور الايام ادركت بالفعل انى اغرق .. اغرق فى حياة لا اريدها، ولكن فى بعض الاحيان لكى تولد من جديد اقوى من اى ضعف مررت به وطاهر من كل شائبه بك .. عليك ان تغرق قليلاً ! ولكن اتمنى من مَن يعرفنى.. اذا بقيت فترة طويلة تحت الماء .. إن كنت قوياً اخرجنى من هذا اليم .. فأنا لا اعرف فن العوم .. شكراً مقدماً.

"وبعت كلمتين .. مش اكتر من سطرين"

اشتقت إلى الرومانسية .. مع قدوم فصل الربيع والقلب يشتاق إلى مغامرة جديدة .. حب جديد، شخص يتعلق به ويرسم حياته معه .. غريب هذا القلب ! يقوم بتصرفات غريبة من تلقاء نفسه، اظن انه من المفترض ان يستشيرنى فى مثل هذه الامور .. فافى النهاية انا من سيقوم بدفع المشاريب .. ومع ذلك .. إلا انى اوافقه الرأى كل مرة .. واقوم بإرسال كلمتين مش اكتر من سطرين .. لشخص قام هو بإختياره .. ولكن للاسف "مش بيجينى الرد زى حليم" هل ياترى لانى مش اسمرانى ؟

"واه يا خوفى من اخر المشوار اه يا خوفى"

الخوف الدائم من المستقبل .. اتخاذ القرارات الخاطئة، يجعلنى دائماً خائف من اخر المشوار .. جنة ولا نار ؟ استنفد كل طاقتى وقوتى فى التفكير قبل كل قرار اتخذه .. ولكنى اجد فى النهاية نفسى اختار الاختيارت الخاطئة والغير مناسبة .. اظن لانى اريد ان اعيش حياة كاملة إلا ان هذا غير منطقى .. لان لا يوجد شخص حياته كاملة، ولا يوجد طريقة مناسبة لعيش الحياة .. كلاً منا يعيش حياته بطريقته وبقرارته واختياراته الصائبة والخاطئة .. من الخطأ الفادح ان احاول ان ارسم حياتى بمنافيستو لان الحياة لا تسير بهذه الطريقة .. كما ان لا يوجد شخص فى النهاية حياته كلها يا فى الجنة يا فى النار .. حياة كل إنسان منا شوية كده وشوية كده .. لذلك اظن ان يجب على ان اعيش حياتى بحيرة اقل وحرية اكثر .. أملين على ان تأخذنا الدنيا للفرحة .. امانة !

مصطفى الشابى



الجمعة، 1 مارس 2019

اسئلة وجودية 101


اسئلة وجودية 101

مساء الخير

اصبحت جميع كتباتى تمتاز بلون رمادى هذه الايام ... ولكنى كما كتبت فى مقالات سابقة انا لست هنا لإعطائك اجوبة او حلول .. هنا هنا للبحث عنها .. فأنا مثلك تماماً عزيزى القارئ بداخلى الكثير من الصراعات والتساؤلات التى لا اجد لها حل ولكنى احاول جاهداً إيجاد الحلول بمشاركتى لكم هذه الخواطر البسيطة، هذا المقال ملئ بالسطور الغير مرتبة والعشوائية .. تماماً مثل افكارى وعقلى هذه الايام .. ليسوا بمكانهم الطبيعي.

رائحة الفلافل الساخنة الساعة العاشرة صباحاً يوم الجمعة تثير بداخلى الكثير من المشاعر الجميلة والذكريات الرائعة .. بمجرد مرور الرائحة على انفى اتذكر جلوسى بمنزل جدى صباحاً والعائلة كلها مجتمعة حول الطبلية الذى عليها كل ما لذ وطاب من فلافل وفول وبطاطس محمرة وبيض، وارغفة العيش مرصوصة فوق بعضها .. وصوت جدى الجهور وهو يقول "منورين يا ولاد" فيرد عليه الجالسون "بنورك يا بابا ربنا يخليك لينا" ... ايام جميلة .. ولكن هذا الموقف يذكرنى بأن ليست جميع الدعاوى يتقبلها الله .. ففى النهاية "لم يخليه الله لهم" وهذا ما يجعلنى اتسائل .. الإنسان إذا كان مسير لمصير محدد واختيارات معروفة .. لماذا نقوم بالدعاء فهو لن يغير من حقائق الامور .. ولكنى اظن ان بعض الاسئلة لن اصل لها لاجابة فمن الافضل الصمت والاستمرار فى الدعاء حتى تتغير الايام وتتبدل الاحوال.

هوايتى هذه الايام هى طرح الاسئلة المعقدة .. لأجد نفسى فى نهاية اليوم جالساً وسط افكارى اتوسل لها ان تتركنى لكى استريح قليلاً .. ولكنها لا تتركنى .. بل تطاردنى حتى فى احلامى .. حتى تحولت بعض احلامى إلي كوابيس .. لا اريد منها شئ سوى ان تتركنى احيا حياة هادئة .. ولكنى اعلم ان هذا لن يحدث .. فإما ان احقق احلامى او اتركها تعذبنى حتى اخر يوم فى عمرى القصير، وهنا يباغتنى سؤال اخر .. هل سيستريح الإنسان عندما يحقق احلامه ؟ ام انه سيطمح فى حلم اخر صعب المنال ويتناسى ما حققه ويبدأ المعاناة من جديد .. ليظل حياته يعيش فى هذه الدائرة المفرغة ؟

اتمنى ان أكف عن طرح هذه الاسئلة .. والجلوس لأستريح قليلاً امام البحر فى ضوء النهار والاستماع لموسيقتى المفضلة .. اتمنى ان تتوقف عقارب الساعة قليلاً حتى التقط انفاسى التى ضاعت من كثره الركض .. لا شئ اخر .. اصبحت لا اهتم إذا قال لى احد "كل شئ سيصبح على ما يرام" لانى اعلم ان هذا ليس حقيقى .. على الاقل فى عالمنا هذا، لم اعد اهتم إذا قال لى احد "انا حاسس بيك" لأن لا احد سيستطيع ان يشعر بشئ مشابه لما يشعر به الاخر .. لان هناك عوامل اخرى كثيرة تتحكم فى شعورك غير مرورك بنفس الموقف او موقف مشابه .. اصبحت لا اثق فى اى شئ او اى شخص او حتى بنفسى .. فكما يقول المثل الشعبى "محدش يعرف بكرة مخبى ايه" لذلك "محدش يعرف بكرة دول مخبيين ايه"

كفانا من هذه الكئابة المفرطة .. اصبحت اشعر انى كئيب مثل اغنية لعبد الحليم حافظ .. الفرق الوحيد ان الاغنية ستكون مرتبة ومنظمة ولها جمهور ومحبين عنى، على اى حال .. اظن انى سأتوجه بجميع اسئلتى هذه فى المرة القادمة فى مكان من اثنين ... إما خط الفضفضة او فقرة اسئلوا رجاء .. متمنياً ان تجد لى مدام رجاء الجداوى اجابات على الاسئلة التى اطرحها .. كل ما يمكننا ان نفعله حالياً هو الجلوس فى صمت آملين ان تمر الأيام سريعاً بأقل الخسائر الممكنة.

وفى النهاية اتوجه بالشكر لأعز والذ وامز قراء .. الذين يستحملون كل هذه الاسئلة والكئابة واللون الرمادى الغامق.

تحياتى

مصطفى الشابى


الأحد، 6 يناير 2019

لما الشتا يدق البيبان

لما الشتا يدق البيبان

مساء الخير ..

اكتب لكم هذا المقال بأطراف مجمدة، لا استطيع حمل القلم والكتابة .. حتى الافكار تخرج من عقلى مجمدة كقطع ثلج فى كوب "حاجة ساقعة".. لا اعلم بماذا تشعروا ولكنى اجد ان برد الشتاء قاسى .. خصوصاً على محبين بهجة الصيف .. لطالما كان الشتاء بالنسبة لى فصل كئيب، ليس يوم فقط بتجميد اطراف جسدى ويصيبنى بأفظع انواع البرد والزكام وخلافه .. بل ايضاً يقوم بتذكرتى بأنى وحيد ولم احقق اى من احلامى بعد !

ومع طول الليالى الشتوية أبدأ بالتفكير فى المستقبل وتذكر الماضى فأنسى الحاضر الذى اعيشه .. وأدخل فى دوامة فصل الشتاء التى لا تنتهى .. لعل الشئ الوحيد الذى اعشقه فى الشتاء هو استماعى للموسيقى الكلاسيكية اثناء المطر .. لتصبح حياتى كمشهد جميل فى فيلم فرنسى هادئ .. ولكنى اجد نفسى فى نهاية المقطوعة الموسيقية كأنى فى فيلم لنادية الجندى ملئ بالتوتر والاكشن والاثارة .. وهنا يأتى السؤال .. هل مُقدر لنا ان تصبح حياتنا كفيلم فرنسى هادئ، مريح للاعصاب ؟ ام كُتب علينا ان نعيش التوتر والاكشن والاثارة التى تعيشه الفنانة نادية الجندى فى جميع افلامها ؟ 

هل هذا انا فقط ؟ هل انا فقط من تزيد همومه فى فصل الشتاء وتنفرج بمجرد قدوم فصل الربيع الوردى ؟ لا اعلم ولكن عند قدوم الشتاء اشعر انه لن ينتهى وانى سأغرق فى المطر وهمومى فى آن واحد ! اظن ان يوجد الكثير مثلى .. بمجرد قدوم الشتاء يأتى اتوبيس الهموم وينزل ركابه اما باب الغرفة منتظرين استيقاظى من النوم ليبدأوا بالانقضاض عليا واحداً تلو الاخر .. كم اتمنى ان يأتى الصيف ليقضى عليهم بأشعة شمسه المبهجة ويخلصنى من هذا الحزن !

لا اريدكم ان تظنوا انى متحامل على فصل الشتاء .. ففى النهاية هو فصل فاضل يوجد به الكثير من الذكريات الجميلة .. والاهم انه يوجد به عبير الطفولة البريئة المختبئة فى رائحة اليوسفى الجميلة .. ولكن يوجد شئ دائماً حزين به .. قد يقول بعض الاشخاص المهتمين بالاساطير ان السماء انفصلت عن الارض فى هذا الوقت من العام .. لذلك تقوم السماء بالبكاء فى هذه الايام حزناً على الفراق، وقد يقول المهتمين بالسينما ان اغلب مشاهد الحزن والانفصال والتجهيز للمهمات الوطنية كانت فى المطر عندما كان يمشى البطل على كوبرى قصر النيل وحيد فى المساء بجاكته الجلد المميز .. قد يتذكر البعض المهتم بالموسيقى اغانى مثل "لما الشتا يدق البيبان"  او اى اغنية "حبيتك بالصيف" والسيدة فيروز تغنى وسعيدة بإستلامها رسالة من حبيبها كاتبها لها بالدمع الحزين، ولكن كان الشتاء ماكر وقام بتشويهها فتقول "وحروف الرسالة محيها الشتى" .. لعلى اكون تحاملت فعلاً على فصل الشتاء .. او من الممكن ان اكون ظلمته .. ويكون حزن الناس المتراكم عبر السنوات هو ما اوحى لى ان الشاء فصل حزين ورمادى اللون "دمعته على خده".

وعلى النقيض تماماً نجد فصل الصيف .. الفصل المشرق والملئ بالحيوية والنشاط، أشعة الشمس .. بهجة، الجو الحار يرطبه البحر .. ويحلى السهر والسمر فى المساء وسط الاصدقاء والعائلة، الكل يعانى فى الشتاء .. والكل فى الساحل فى الصيف، نجمع تبرعات لشراء البطاطين فى الشتاء، ونقوم بشراء مايوهات فسفورية فى الصيف .. اروع قصص الحب فى الافلام كانت فى الصيف والطف الافلام الكوميدية الكلاسيكية كانت فى الصيف "شاطئ المرح"، "فى الصيف لازم نحب" ولا ننسى اغانى عبد الحليم "قاضى البلاج" و"دقوا الشماسى" الذى يتغنى فيهم حليم بروعة الصيف "بسم الهوا والشمس والبلاجات، بسم الشباب والحب والاجازات" .. اظن انى لن اى اغنية او كوبلية يقوم بوصف بهجة الصيف مثل هذه الاغنية.

فى النهاية اظن ان تذمرى هذا عن فصل الشتاء وبرودته وكئابته لن يجعل الايام تمر أسرع .. ولكن كان يجب علي ان اشارك ما اشعر به .. حتى لو مع نفسى .. حتى إذا حدث لى شيئاً فى هذا الفصل تعلموا من هو الجانى وأن المجنى عليه عانى قبل وفاته بالرشح، الزكام، الحرارة الشديدة وعدم الاحساس بصوابع قدمه .. ولكن فى النهاية كما اقول لنفسى فى اوقات الضيق .. لا شئ يستمر إلى الابد، فكل شئ يتغير مع مرور الزمن .. حتى الزمن نفسه يتغير لذلك كل ما يمكننا فعله هو الانتظار .. حتى تتغير الايام والفصول ويأتى الصيف من جديد ومعه بهجته المعهودة وايامه المشرقة .. حينها ستشرق الشمس على ايامنا المظلمة وتتبدل الاحوال إلى الافضل .. دائماً إلى الافضل.


                  مصطفي الشابي


الأحد، 12 أغسطس 2018

الأحلام ممكن تتحقق ؟ (جايز)


الأحلام ممكن تتحقق ؟ (جايز)

مساء الخير ..

فى كل مرة ابدأ فى كتابة مقال جديد اشعر وكأنه اخر مقال اكتبه .. وكأن القدرات الابداعية تتلاشى وسط مزاحم الحياة والتفكير المستمر فيها .. ولكنى دائماً اعود للكتابة حتى لو بعد غياب طويل، ففى النهاية مهما كانت مشاغل الإنسان يعود دائماً لما يحب او لمن يحب ! وهنا يجب أن اطرح سؤال وجودى ايقظنى وانا على مشارف اول حلم جميل هادئ .. وهو "هل تتمسك بنا الأحلامنا بقدر ما نتمسك نحن بها ؟ ام تتخلى عنا بمجرد ان تشغلنا الحياة قليلاً ؟" أرقنى السؤال كثيراُ قبل أن اقوم بالكتابة .. علماً بأنى اكتب هذا المقال وانا لا أعلم إجابة السؤال .. وكما قلت فى مقال سابق لي .. "انا يا عزيزى لا أقدم الحلول .. انا هنا للبحث عنها !"

تقول نظرية "إن الأحلام التى يتمناها الإنسان ويرغب فى تحقيقها طوال حياته ما هى إلا شئ من نسيج خياله لتجعله يستمر فى حياته المملة .. لانه مُيقن انه فى يوم ما حلمه سيتحقق" وانا أرى ان هذه النظرية يوجد بها شئ من الحقيقة .. نحلم جميعاً بالجنة .. ولكننا لا نعرف هل ندخلها ام لا ! نعافر فى الحياة ونتحمل الصعاب والآلام إيماناً منا بأننا فى يوم ما سندخلها .. نظرية متشائمة بعض الشئ ... اما على الصعيد التفاؤلى للحياة،  بعض الأحلام تتحقق بالفعل .. ليس كلها بالتأكيد ولكن الدليل على ذلك ان الكثير منكم قد حقق فى حياته بعض احلامه .. فهى فى النهاية نظرية تحتمل الصواب والخطأ .. كالكثير من الأشياء فى حياتنا .. ولكن ما اؤمن به بنسبة لا تتحمل الشك .. أن الإنسان بدون حلم وهدف فى الحياة هو إنسان راكد !

لا يسعنى وانا أكتب هذا المقال سوي تذكر عادل امام فى مسرحية الزعيم وهو يغنى "الاحلام ممكن تتحقق"، بغض النظر انه قالها ثم وقع من فوق سطوح منزلهم ولكنه لديه حق .. بغض النظر عن العوائق والموانع ففى النهاية تستطيع ان تحقق احلامك .. او على الاقل بعض منها. وبما انى ذكرت مسرحية جاء فى بالى تساؤل وجودى اخر مهم للغاية .. "هل يشعر الكاتب تجاه شخصياته بالرأفة والشفقة والحزن ؟ ام انه خلق بعضهم للمعاناة فقط من اجل تكامل اركان الرواية ؟"

هذا السؤال يريد تفكير عميق .. لذلك سأتركه هنا للتذكرة انى بحاجة للإجابة عليه .. ولكن ما أثق به انى عندما أقوم بكتابة اول رواية او فيلم لى .. لن اخلق شخصية لمجرد المعاناة فى اطار الحبكة .. سأجعلهم كلهم فى النهاية سعداء، محققين احلامهم وطموحهم، يعيشون مع من يحبوا ويفعلوا ما يحبوا .. لعله تفكير طفولى برئ ولكن فى بعض الاوقات نحتاج إلى التفكير بهذه البراءة لتخفيف ما ترميه علينا الحياة من اعباء ..  وإلا ان تأتى هذه الرواية .. اذهب انا إلى النوم لأرى بنفسى هل ينتظرنى الحلم الهادئ الذى كنت سأبدأه .. ام انه تركنى لأحظى بليلة بلا أحلام.
                                                                                        
   مصطفى الشابى