الأحد، 12 أغسطس 2018

الأحلام ممكن تتحقق ؟ (جايز)


الأحلام ممكن تتحقق ؟ (جايز)

مساء الخير ..

فى كل مرة ابدأ فى كتابة مقال جديد اشعر وكأنه اخر مقال اكتبه .. وكأن القدرات الابداعية تتلاشى وسط مزاحم الحياة والتفكير المستمر فيها .. ولكنى دائماً اعود للكتابة حتى لو بعد غياب طويل، ففى النهاية مهما كانت مشاغل الإنسان يعود دائماً لما يحب او لمن يحب ! وهنا يجب أن اطرح سؤال وجودى ايقظنى وانا على مشارف اول حلم جميل هادئ .. وهو "هل تتمسك بنا الأحلامنا بقدر ما نتمسك نحن بها ؟ ام تتخلى عنا بمجرد ان تشغلنا الحياة قليلاً ؟" أرقنى السؤال كثيراُ قبل أن اقوم بالكتابة .. علماً بأنى اكتب هذا المقال وانا لا أعلم إجابة السؤال .. وكما قلت فى مقال سابق لي .. "انا يا عزيزى لا أقدم الحلول .. انا هنا للبحث عنها !"

تقول نظرية "إن الأحلام التى يتمناها الإنسان ويرغب فى تحقيقها طوال حياته ما هى إلا شئ من نسيج خياله لتجعله يستمر فى حياته المملة .. لانه مُيقن انه فى يوم ما حلمه سيتحقق" وانا أرى ان هذه النظرية يوجد بها شئ من الحقيقة .. نحلم جميعاً بالجنة .. ولكننا لا نعرف هل ندخلها ام لا ! نعافر فى الحياة ونتحمل الصعاب والآلام إيماناً منا بأننا فى يوم ما سندخلها .. نظرية متشائمة بعض الشئ ... اما على الصعيد التفاؤلى للحياة،  بعض الأحلام تتحقق بالفعل .. ليس كلها بالتأكيد ولكن الدليل على ذلك ان الكثير منكم قد حقق فى حياته بعض احلامه .. فهى فى النهاية نظرية تحتمل الصواب والخطأ .. كالكثير من الأشياء فى حياتنا .. ولكن ما اؤمن به بنسبة لا تتحمل الشك .. أن الإنسان بدون حلم وهدف فى الحياة هو إنسان راكد !

لا يسعنى وانا أكتب هذا المقال سوي تذكر عادل امام فى مسرحية الزعيم وهو يغنى "الاحلام ممكن تتحقق"، بغض النظر انه قالها ثم وقع من فوق سطوح منزلهم ولكنه لديه حق .. بغض النظر عن العوائق والموانع ففى النهاية تستطيع ان تحقق احلامك .. او على الاقل بعض منها. وبما انى ذكرت مسرحية جاء فى بالى تساؤل وجودى اخر مهم للغاية .. "هل يشعر الكاتب تجاه شخصياته بالرأفة والشفقة والحزن ؟ ام انه خلق بعضهم للمعاناة فقط من اجل تكامل اركان الرواية ؟"

هذا السؤال يريد تفكير عميق .. لذلك سأتركه هنا للتذكرة انى بحاجة للإجابة عليه .. ولكن ما أثق به انى عندما أقوم بكتابة اول رواية او فيلم لى .. لن اخلق شخصية لمجرد المعاناة فى اطار الحبكة .. سأجعلهم كلهم فى النهاية سعداء، محققين احلامهم وطموحهم، يعيشون مع من يحبوا ويفعلوا ما يحبوا .. لعله تفكير طفولى برئ ولكن فى بعض الاوقات نحتاج إلى التفكير بهذه البراءة لتخفيف ما ترميه علينا الحياة من اعباء ..  وإلا ان تأتى هذه الرواية .. اذهب انا إلى النوم لأرى بنفسى هل ينتظرنى الحلم الهادئ الذى كنت سأبدأه .. ام انه تركنى لأحظى بليلة بلا أحلام.
                                                                                        
   مصطفى الشابى 
             

                                                                                 

الخميس، 5 أبريل 2018

لا تخرج قبل أن تقول وداعاً


لا تخرج قبل أن تقول وداعاً

إن كنت من أصحاب القلوب الضعيفة والرقيقة -مثلى- دائمين التعلق بالأشياء والأشخاص فهذا المقال مناسب لك تماماً، ولكن إن كنت تأمل على إيجاد حل لهذه المشكلة فأخرج الأن فأنا يا عزيزى لا أقدم حلول .. انا هنا للبحث عنها !

تعودت منذ الصغر على ان احافظ على ألعابى .. فكنت عندما ارغب باللعب اذهب الى دولابى واخذ اللعبة برفق، اقوم بإخراجها برقة من علبتها واضع العلبة بجانبى وعندما افرغ من اللعب اقوم بوضعها كما قام المصنع بتعبئتها فى علبتها من جديد .. وعندما كانت تخبرنى امى انى كبرت على هذه اللعبة وعلى إعطائها لاحد اقاربى لانه اصغر منى كنت ارفض بشده .. كيف لى أن اتخلص من ألعابى التى شاركتنى كل لحظات طفولتى .. فهم عاشوا معى سعادتى وحزنى وساعدونى بالهروب من واجب الرياضة .. هل نتخلى عن من أحسنوا إلينا فى حياتنا ؟ بالطبع لا .. وهكذا نشأ بداخلى شعور التشبث بالأشياء .. وكبر معى حتى أصبحت ما انا عليه الأن .. "شحط طويل عريض لسه عنده لعب حضانة" !  هذا الموضوع بالطبع تحول من مجرد ألعاب .. فبدأ فى التطور شيئاً فشيئاً .. التعلق ببعض أكواب القهوة، التعلق بملابس كبرت فيها وأرفض التفريض فيها حتى الأن، ومع التطور التكنولوجى السريع .. التعلق بهواتفى المحمولة ! حتى انى أتذكر فى مرة قمت بالبكاء لمجرد تغيرى هاتفى .. وبالطبع اكبر ما تعلق بقلبى هو الروتين ! اما الأشخاص هم أقل من تعلقوا بقلبى .. لعل السبب فى هذا هو انى أعلم انهم ليسوا دائمين ! .. وهنا نأتى لصُلب الموضوع وهو .. لماذا اكتب هذه المقال ؟

فى الفترة الاخيرة كلما استمعت إلى اغنية "لما الشتا يدق البيبان" اقول لنفسى "بس هو يجي يا استاذ على واحنا ندخله ونضايفه ونخليه يبات كمان" ولكن من الواضح انه الشتاء قرر عدم معاودة الزيارة هذا العام .. لعل السبب هو ان الشتا "واخد على خاطره" منِ منَ هم مثلى من البشر الذين يعشقوا فضل الصيف وجوه المشمس المشرق الجميل ونهاره الطويل الممتع .. فإن حرارة الصيف الشديدة حلها البسيط هو دُش بارد منعش .. ولكن برد الشتاء القارص يتطلب الكثير من الملابس والدفايات والبطاطين مما يزيد الوزن ويجعل حركتك بطيئة للغاية .. ولكن بالرغم من ذلك أحب فصل الشتاء..لا لشخصه بالطبع ولكن لأنى شخص روتينى تعودت على التغييرات الموسمية فأرى انى قد التزمت بدورى وقمت بإخراج الملابس الشتوى من الدولاب وجلست على الفوتية وبجانبى كوب الكاكاو الساخن .. ولكن لم يلتزم الشتاء بميعاده وتركنى وحدى "سايح فى عرقى" .. ولكنى أشتقت الى المطر واوراق الشجر الخضراء المبتلة والشوارع المغسولة وإخراج يدى من النافذة ساعة المطر مثل الاطفال لكى تبتل .. ولكنى كما يقول استاذ على "مش جاى الومك على اللى فات ولا جاى اصحى الذكريات"  المشكلة الكبيرة ليست فى وجود فصل الشتاء من عدمه .. فأنا كما قلت أحب الصيف بحرارته وشمسه ولكن ما فى الامر هو أننى هذه الفترة أمر بمرحلة جديدة فى حياتى .. تجعلنى ليس فقط أخشى التغيير ..ولكتى اتشبث بكل ما أستطعت فى الروتين .. كل ما هو مألوف ومعروف لعقلى أتمسك به .. ولكن للأسف وقع أعتمادى على الشئ الخطأ .. فكنت اخر ما كنت ارغب به هو تغيير فصول السنة الأربع إلى فصل واحد .. ولكن يبدو اننى لا يمكننى الأعتماد على اى شئ فى هذا الزمن .. حتى الطبيعة !

أظن ما يحزننا ويقلب روتين حياتنا هو التغيير المفاجئ .. فى إعتقادى لو أستيقظت من نومى ووجدت مج القهوة يقول لى "حتوحشنى يا صاحبى .. انا حتكسر النهاردة" كنت سأصبح اكثر تقبلاً للوضع .. لو كان ودعنى الشتاء الماضى وقال لى "شفت السقعة دى ؟ مش حتشوفها تانى .. اصلى مسافر امريكا السنة الجاية، الأحتباس الحرارى حياخد مكانى .. باى باى" سأتقبل الوضع .. على الأقل كنت وفرت ثمن الجاكت الذى أشتريته هذا العام .. كل ما نحتاجه هو لقاء اخير .. سلام اخير .. تذكار محبة .. وعربون وفاء.

فإذا كنت من أصحاب القلوب الضعيفة او اصحاب القلوب القوية .. او كنت متحجر القلب، نتفق جميعاً اننا نستحق لقاء اخير .. فإذا كنت ترغب فى الرحيل وتدمير روتين حياتى .. فأرجوك .. لا تخرج من حياتى قبل أن تقول وداعاً ! 
*فى ذكرى اسخن شتاء 2017\2018
                                                                               
                                                                          مصطفى الشابى

الأحد، 4 فبراير 2018

نص ساعة

نص ساعة

قالت قبل ان ترتشف القهوة من فنجانها المزخرف بألوان وردية

-وياترى بقى اللى انجرحوا دول يداوا جرحهم ازاى ؟

نظر إليها الكاتب وتسأل فى نفسه " كيف لتلك المرأة الجميلة، الرقيقة .. الأنيقة فى شرب قهوتها ان تتكلم وكأنها تفاصل فى سعر كيلو طماطم فى السوق .. بالتأكيد لم تتماشى الطريقة مع المظهر العام ! ولكنه تغاضى عن ذلك فكيف له ان يقوم بالحكم على شخص بمجرد طريقة كلامه ... لابد ان يقضى معه بعض الوقت .. على الأقل نصف ساعة .. فكانت هذه هى احدى قوانين الكاتب "نصف ساعة"  .. نظر الى ساعته وبدأ بحساب الوقت .. نظر الى المرأة الجميلة وقبل ان يرد فكر سريعاً فى كيف يكون الرد عليها .. هل يرد بطريقة الكاتب العاقل الرزين الذى يحسب عدد الحروف التى ينقطها ويقوم بإفحامها برد عميق على سؤالها الساذج .. ام يتلون بشخصية من الشخصيات التى قام بكتابتها من قبل .. فكان الكاتب يستطيع ان يتكلم مثل شخصياته .. ففى النهاية هم ناتج عنه ومنه .. ولكن بعد بضعه ثوانى خشى ان يكون قد تأخر بالإجابة وتظن المرأة انه عاجز عنها فقرر ان يترك الكلام يخرج بعشوائية .. فهو فى الاول وفى الاخر كاتب .. وكل ما يخرج من فمه سواء مكتوب او مسموع هو شئ مقدس جميل يجب على الأخريين احترامه وتقديره !

أعتدل الكاتب فى جلسته ووضع رجل على رجل ورد على المرأة "طبعاً يا فندم يدّاوى عادى .. مفيش جرح مابيدواش .. إلا الناس الكئيبة والى بيبصوا على الحياة بمنظار اسود .. دول حيفضلوا يشوفوا جرحهم بيوسع كل يوم عن اليوم اللى قبله .. بل وإن جرحهم ده حيفتح لهم جروح تانية فى المستقبل"

وضعت المرأة الفنجان وردى المزخرف على الطاولة امامها وتحفزت للحوار .. فكانت تعشق مثل هذه الأشتباكات الخفيفة وتبحث عنها .. فمنذ ان توفى زوجها بالسكتة القلبية منذ عامين وهى تشعر بالملل لإفتقار حياتها لمثل هذه المناقشات ولكن الوضع الأن مختلف فهذا الرجل ليس زوجها ولا يمت لها بصلة .. فهو لن يتحمل الحديث معاها إذا حمى وطيس الحوار مثل ما كان يتحملها زوجها –رحمه الله- فكانت تتخيل انه إذا لم يستطع احد فيهم اقناع الاخر بوجه نظره على اقل تقدير سوف يرميها الكاتب بطقطوقة السجائر .. فكرت بكل هذا واستجمعت شتات افكارها وردت علي الكاتب وهى تحاول تصنع أسلوب الهوانم "ايه ده .. شكل حضرتك من النوع المتفائل –تطلق ضحكة ساخرة ولكنها تفقد السيطرة عليها وتتحول إلى ضحكة مجلجلة- شكلنا مش حنتفق من أولها"

قهقة الكاتب رداً على ضحكة المرأة واخرج سيجارة من علبة سجائره فى جيبه الايسر وقام بإشعالها وأخذ نفس عميق منها ثم اخرجه ورد على عليها "اهى ضحكة حضرتك دى أكبر دليل اننا حنتفق .. الإنسان ربنا خلقه عشان يعانى –لقد خلقنا الإنسان فى كبد- ولكن هل ده معناه اننا المفروض نستسلم للمعاناة دى ؟ هل معناه اننا نفضل فى حزن على اللى فات وخايفين من اللى جاى ؟ الأستسلام هو أكبر عدو للبنى أدم .. لانه بيقتل !" .. ثم بدأ يشيح بنظره عن المرأة ويبحث عن طقطوقة السجائر حتى وجدها جانب الفوتية الذى تجلس عليه المرأة .. فقام من مكانه واعتذر منها واخدها ووضعها امامه.

بدأت المرأة تشعر بالخطر .. فما تخشاه قد يحدث بعد بضعه دقائق .. ها هو الكاتب وضع الطقطوقة امامه ويدخن سيجارته الاخيرة قبل الأعتداء .. بدأت تفكر اكثر واكثر .. هل تهاوده فى الرأى حتى تنجو بحياتها ؟ ام انها مجرد تخيلات فى عقلها المرهق من الوحدة ! .. سريعاً ما اخرجت تلك المخيلات من رأسها وقامت بالإعتدال فى جلستها وقالت "قتل .. قتل ايه بس كفالله الشر .. انت كبرت الموضوع حبيتين .. انا معاك اكيد الاستسلام ده شئ وحش ..وحش اوى، بس على رأى المثل اللى يطاطى للريح تفوت" وللحظة ادركت انها تتكلم مثل جدتها بالامثال ولا ينقصها سوى مصمصة شفايفها والنظر بعدم إكتراث فقررت ان تنهى جملتها المريبة بمثال شهير حتى لا يأخذ عنها الكاتب إنطباع سئ " وطبعاً زى ما حضرتك عارف السهم عشان يطلع قدام لازم يرجع لورا الاول". اعتدلت فى جلستها وشعرت بثقة فى نفسها وان هذا الحوار فى اصبح فى صفها.

"اللى يطاطى للريح تفوت ؟" أدرك الكاتب فى هذه الجملة ان الحوار أصبح اشبه بأحاديث النساء فى الحوارى الشعبية .. ومع ذلك لا يستطيع ان يخيل كيف لهذه المرأة الجميلة الأنيقة ان تتكلم بهذا الأسلوب السوقى ! جاء على بال الكاتب انه قد يكون تحول إلى إنسان عنصرى .. لا يستطيع تقبل الأخر ! لا يراهم كبشر مثله بل يراهم كمادة للكتابة عنهم حتى يلاقى نجاح فى السوق وفى المنتديات الثقافية .. ولكن كل هذا لا يهم الأن .. فهو من ينتصر فى هذا الحوار، هاهى بالرغم من طريقة كلامها والأمثلتها أصحبت توافقه الرأى .. لا يتبقى الأن سوى ان يختم الحوار بجملة قوية او حكاية مؤثرة حتى تخضع له تماماً .. فتخيل الكاتب انه يستجمع كل الحكمة التى فى العالم واخذ نفس عميق وقال "اهو حضرتك بدأتى توافقينى فى الرأى اهو .. السهم لازم يطلع قدام .. لو فضلت شاده لورا الخيط يتقطع ! الواحد أكيد حيمر بظروف تدفعه للإكتئاب والحزن .. ولازم احنا كمان نمر بالوقت ده وإلا مش حنكون بشر .. حنصبح مكن مش بيحس ولا بيشعر بأى شئ .. اهم شئ بقى فى كل ده ان الحزن مايخدش اكتر من وقته عشان مايتحكمش فينا ونصبح فى ايده زى الماريونت"

أستسلمت المرأة لكلام الكاتب للمرة الاولى .. ليس لخوفها من الطقطوقة فبالتأكيد لن يغامر كاتب كبير معروف بسمعته من أجل ان يتخلص من حوار مزعج .. ولكن لأنها ادركت انه على حق .. فهى تتذكر ان عندما توفى زوجها حزنت عليه كثيراً، فكان اخر من تبقى لها من عائلتها بالإضافة انها لم تحظى بأطفال فى حياتها، فكانت فترة صعبة فى حياتها ظنت انها لن تتعافى منها أبداً .. ولكن هاهى تجلس فى افخم الكافيهات مرتدية اكثر الملابس أناقة وتحظى بحياة هادئة ومريحة خالية من المتاعب .. فكان الكاتب على حق، لكل جرح قوته ولكن الجروح تلتأم مهما كانت قوتها .. وأثارها قد تذكرنا بالآلام التى مررنا بها .. ولكنها تذكرنا ايضاً اننا مررنا بها بالفعل وأن لا جرح كبير ولا آلم قوى يستطيع ان يحنى رؤسنا .. لأول مرة منذ فترة طويلة استطاع احد بإقناعها برأيه .. لابد ان تظهر له انها لم تستلم لتجنب الحوار بل لإحترامها لرأيه .. فردت عليه "همم .. أقنعتنى، بس بردو مش متفقة معاك"

تعجب الكاتب .. يالبجاحة هذه المرأة ؟! كيف لها بعد كل ما قاله وبعد إعلان استسلامها له أن تعلن انها غير متفقة معه! هل هى مجنونة ؟ ام هى خلقت لتعترض كما قال مكسيم جوركى ! تحفز الكاتب واطفأ السيجارة فى الطقطوقة امامه وغير وضع جسده على الفوتيه المريح ليصبح فى وضع الاستعداد ورد عليها "مش متفقة فى ايه مش واخد بالى ؟"

أطلقت المرأة ضحكة رقيقة وشاورت للنادل وهى تقول "روق بالك امال .. انا مش متفقة انك شربت السيجارة كده على الريق من غير ما تشرب او تاكل حاجة" توجه كلامها للنادل "شوف الاستاذ يشرب ايه"

أستراح الكاتب و أحس بالذنب فهى فى النهاية امرأة ذوق .. توافقه الرأى وطلبت له شئ ليشربه ! لعله أسرع بالحكم عليها حتى بعد قضاء نصف ساعة معاها، لابد أن يراجع الكاتب اولوياته .. وأن يتخلص من تلك العادة الجديدة، فيجب عليه ان يحترم كل من يتحدث معه بإحترام وإن إختلفت طريقه التفكير او الحديث .. أدرك الكاتب الأن أن الشهرة بإمكانها أن تغير شخصيته .. فإن كان جميع من بالمدينة يقرأ مقلاته كل يوم ليس معناه ان رأيه أصبح مُسلم به لا يعارضه احد فيه .. بالتأكيد هو مدين لها بالأعتذار ولكن لن يجهر به فهو أمامها لم يخطئ حتى الأن .. ولكن لابد أن يبادر بحركة شيك حتى يقدم لها مضمون الأعتذار "انا حشرب قهوة .. فى نفس الفنجان اللى الهانم شربت فيه قهوتها" توجه بالكلام للمرأة "واسمحيلى يا هانم الحساب كله عندى انا"

تبتسم المرأة وتشر برأسها بالموافقة ويسود الصمت للحظات وتبدأ المرأة حوار جديد لا نسمع منه شئ بسبب علو صوت الموسيقى فى الكافيه.



مصطفى الشابى