الأحد، 20 أكتوبر 2013

عصفور الشرق الحزين

عصفور الشرق الحزين

بعد مرور سنين طويلة من حياتها بدأت فى التفكير .. فى إحكام عقلها ... عقلها الذي تم إخضاعه الى تنفيذ الطلبات بلا تفكير .. قانون السمع والطاعة !

لم تكن فى يوم تتخيل حياتها ما تعيشه الأن .. لقد كانت تحلم بالرقص ، الغناء .. حياة أمثل بحياة الأفلام الكلاسيكية الجميلة .. كانت تحلم بحياة مليئة بجنون ، بتشويق .. بـ .. حب ! ، ولكن ما أن أنتهى بها الامر الى انها اصبحت متفرجة .. ترى حياتها شريط سنيمائى ممل يعرض امامها .. وليس لها أى دور سوى المشاهدة !

ما الذى أدى الى ذلك ؟ هل هى السبب ؟ هل كانت تحلم بأشياء فوق السحاب لا يستطيع أحد ان يحققها ؟ أم يتم النظر الى تلك الأمنيات على إنها تفاهات ومجرد أحلام شبابية يجب أن تختفى مع مرور الوقت والزمن !!

قرأت فى جريدة ما فى يوم ما .. أن المرأة نصف المجتمع ... ومرت سنين وسمعت عن تحرير المرأة .. وترقبت .. وقالوا أن النساء سوف يأخذون اماكن الرجال فى أسواق العمل .. وأنتهى الأمر بالقضاء على المرأة نفسياً وجسدياً ! إما بالزواج الروتينى الفاشل .. او العمل الحكومى .. أو وسائل الترهيب الدينى .. وأخيراً وليس اخراً التحرش الجنسى !

هل يتحرر العصفور من ذلك القفص المحكم إغلاقه ؟ هل يرى ذلك العصفور الضوء مرة اخرى ويرفرف بجناحيه عالياً ؟ هل نسمع أناشيدة وغناءه ؟ .. هل يستعيد نضارته وحيويته ويفعل كل ما يحلو له ؟  أم يبقى فى صراع البقاء للأقوى والاطول نفَساً ؟

ويستحضرنى حديث قديم مع أصدقاء من وحى خيالى ... هل المرأة نصف الدينا أم كل الدينا ؟ .. هى فى نظر البعض لا شئ ... وفى نظر الاخرين مجرد فرد .. لابد من وجوده فقط لإستخدامه فى شتى مجالات الحياة المختلفة ثم ينتهى الأمر بإنكار دورهم ... اما لقله غير موجودة .. فهم الدنيا !

فلكل طفلة ، فتاة ، إمرأة .. تبكى على عدم تقدير شخص ، عائلة ، مجتمع لها :

"لا تبكى الليلة .. ولا تعطى للعالم أهمية .. فأنت الدنيا .. أنت محور الوجودية !"


مصطفى زكريا الشابى         

السبت، 12 أكتوبر 2013

أبتهال

أبتهال


فى هذا الجامع الضخم العتيق الذى يحتفظ بالكثير من أسرار زواره .. جلس حسين فى زاوية نائية بعيدة عن الخلق .. وأسند رأسه على ساعديه وأخذ يفكر فى حياته وعن الكلام المحبوس بداخله .. مشاعر متضاربه .. حب ، خوف ، فشل ، نجاح ، ثقة ، إهتزاز .. كان يريد أن يتخلص من كل هذا ويصبح ولو مرة واحدة متبلد المشاعر والأحاسيس .. أن يتخلص من عقله المُفكر وقلبه الحساس .. تمنى ولو للحظة أن يعرف ما هى حقيقة هذا الشعور .. هل هو بسبب توتره الزائد أم .. بسبب غضب ربانى عليه .. أم انه مجرد يوم غائم يمر عليه ككثير من الأيام السخيفة التى تمر على الإنسان .. كان بحاجة إلى الشئ الذى يجعله قوى مرة أخرى .. كان بحاجة إلى ... الأمان ! الأمان النفسى والروحى ... كان يريد أن يشعر انه ليس وحده .. ولكن هناك من يسانده .. ولم يكن يشعر بهذا سوى فى الجامع الضخم العتيق !

وعندما أشتد به التفكير .. سمع صوت فى مقدمة الجامع .. يبتهل ويناجى ربه .. بصوت رخم هادئ يبعث فى نفس الإنسان السكينة والهدوء .. ذلك الصوت الذى يتلاعب بالمقامات الموسيقية لجعلك تبكى وتخرج ما بداخلك من مشاعر متضاربة ! كان المبتهل يقول :
يارب يا مُجيب الدعاء

أحفظنا من كل داء

وأرفع عنا البلاء

وأجعل خير الجزاء

جنة نُرزق فيها بسخاء

فأنك انت الوهاب

ترزق من تشاء بغير حساب

 وأنك انت عليم

 بما فى النفس من هموم

فأجعلها يا رحمن لا تدوم

على عبادك الطائعين

يعبدوا لك مخلصين

وهم فى رحمتك طامعين

وأغفر لعبادك المعاصى

وتُب على كل عاصي

فغافر الذنوب هو انت

وانت التواب الرحيم

فسبحان ربى العظيم

وصلاة وسلام على أشرف المرسلين

والحمد لله لك يا رب العالمين

حين إذ .. شعر حسين بالإطمئنان .. كأن المبتهل أسرد كل ما بداخله .. علِم انه ليس وحده ولكن .. فى مكانً ما فى السماء الله يراقبه .. ويسانده ! فمن الممكن أن ينهى كربه فى لحظة .. كل ما يتطلبه الأمر هو الصبر والدعاء !  ، وقام حسين ووقف فى صفه المستقيم أستعداداً لأداء صلاة الفجر إلى حيث تلك الليلة الروحانية تنتهى !
                 
     مصطفى زكريا الشابى