الأربعاء، 26 يونيو 2013

صورة قديمة

صورة قديمة
صورة قديمة لونها أصفر من الزمن ! .. صورة قديمة بتخليك تحس بسعادة مُرّة .. بتضحك على شكلك وانت عيل واللبس اللى لبسهولك .. بتضحك على ضحكتك البريئة العسولة .. بتضحك اما تشوف وجوة الناس اللى بتحبهم لسه زى ما هى ، من غير تجاعيد او شعر أبيض ! .. بتضحك اما تفتكر ان كل مشاكلك تتلخص فى انك عايز تلعب  بحصانك الخشب بس جاركم الرخم بيلعب بيه شوية ! .. بتضحك اما تفتكر الناس اللى مش فى الكدر .. وانك قدرت تفتكرهم .. بتضحك اما تفتكر لحظة اما حد جابلك ايس كريم وفرحتك بيه ! بتضحك اما بتشوف نفسك مش طايل غير رُكبت أمك وانك دلوقتى بقيت أطول منها ! بتضحك اما بتشوف أبوك كان شايلك ودلوقتى بيقولك براحة .. انا مش قدك ! ..  بس بتحزن اما تعرف ان كل ده بقى من الذكريات ودلوقتى محبوس .. فى صورة !

لحظة بتمُر عليك وانت بتشوف صورك القديمة .. بتبقى نفسك تعيط .. تعيط على أيام راحت مش راجعة .. على براءة أختفت وضحكة تلاشت ! بتحزن اما تدرك ان فى حد فى الصورة مبقاش موجود وسطكم .. بتحزن اما تعرف ان الحصان الخشب بتاعك شحتُه .. بتحزن اما تحس انك كبرت ! وأن الصورة حتتكرر بس مع أختلاف أدوار اللى بيتصوروا .. بس بتضحك اما تعرف أن كل الحاجات دى لسه موجودة .. فى صورة !

جرب طلع صورك القديمة وأتفرج عليها .. شوف كنت عامل ازاى ولابس ايه .. شوف كنت مع مين وبتعمل ايه .. افتكر ساعتها كنت بتضحك ليه .. وأضحك ! افتكر ساعتها كنت بتعيط ليه .. وأضحك !

أوعى فى يوم متتصورش .. لازم تتصور .. ولو صورة واحدة فى كل مرحلة عمرية .. فبرغم من التغيير اللى حيبقى فى شكلك ، إنما فى حاجة واحدة مش حتتغير .. إن الذكريات بحلوّها ومرّها .. حتفضل أحسن من الواقع اللى مسيرة يبقى بُكرة .. ذكرى !

مصطفى زكريا الشابي

السبت، 22 يونيو 2013

تهيؤات غامضة !

تهيؤات غامضة !
لمحت هذا الوجه فى ظلام شارع فرنسى يضيئه مصباح واحد بجانب شرفه ، كانت تحمل وردة .. ربما لأبيها المتوفى او لأمها ... أو ربما أُهديت هذه الوردة من مُعجب بجمالها الفتان .. او كانت تحملها الى حبيبها الذى هجرها فى مثل هذا الوقت المتأخر !

كانت الوردة مرصعة بقطرات من الندى او من الممكن ان تكون دموع الفتاة ، لا أتذكر جيداً هل كانت تبكى .. أم لا !  فالظلام أخفى هذه التفاصيل ولكن انا أعشقها .. غامضة !

النسيم العليل يحرك الهواء الراكد فى محيطنا ويبعث فى أنفى رائحتها الأنثوية البريئة .. ويجعل القشعريرة تنتابنى .. هل شعرت بهذه الرجفة مثلى ؟ هل سمعت دقات قلبى ؟ هل رأتنى من الأساس ؟ .. أيمكن ان يكون هذا الحب من أول نظرة ؟ ولكني لم ألمح سوى طيف .. طيف طاهر برئ يحمل وردة حزينة –او هكذا هُيئ لى- ! ... الحب فى النهاية ليس نظرة أو لمسة أو قُبلة تتلامس فيها الشفاة .. بل هو لقاء أرواح و أطياف لا دخل لأجسادنا به !

أختفت ! .. ترى لأين ذهبت ؟ بإمكانى سماع صوت حركاتها الرشيقة وهى تمشى فى الأزقة الضيقة .. من الممكن ان تكون سارقة هاربة من العدالة .. او عاصية خارجة عن طوع الكنيسة .. او عاهرة فارة من رجال الحانة السُكارة .. على أى حال .. عليها ان تهرب ، تفر .. فأصبح حالياً من يبحث عنها هو حبيب وقع فى شباك هواها .. او هكذا أظن !

لا ألمح لها أثراُ .. حتى صوت قدمها تلاشى رويداً رويداً وتركتنى وحولى مئات التساؤلات !

هل من الممكن أن تكون هربت ؟ .. هل من الممكن أن يكون هذا هذيان منتصف الليل ؟ هل تكون هذه الفتاة مجرد عبث عقلى لإيقاظ العاطفة والمشاعر ؟ هل تكون الصدفة الغامضة ؟

 أحاول ان أتوقع الطريق التى سلكته لتهرب..لعل هذا الزقاق او ذاك..لأتبع هذا فإنه مناسب لشخصيتها .. ولكن توقعى كان فاشلاً .. ككل قصة حب مررت بها ! خرجت من هذا الزقاق الضيق على شارع ملئ بالبشر يتكلمون ويغنون وكأنها أحتفاليةً ما ، وانا انظر حولى بكل إتجاة احاول الوصول ولكن .. بلا فائدة .. لقد تاهت وسط الغرباء ! 

وتسود لحظة صمت .. يتبعها صوت نسائى ناعم ودافئ من خلفى .. يطلب منى ان أفسح المجال للحركة .. وألتف حولى وأراها ! .. هى .. بوردتها وكل غموضها ! 

لن أسمح لها بأن تتوه وسط حشد الغرباء مرة أخرى .. لعلها غريبة هى الأخرى .. ولكنها غريبة عنهم ! فلقد أستطعت ان أُميزها بغموضها عنهم !

وتبدأ الأن قصة غامضة .. هل كانت تبحث عنى هى الأخرى ؟ أم بالنسبة لها انا مجرد .. غريب ؟
                                                                                    مصطفى زكريا الشابي

الاثنين، 17 يونيو 2013

مذكرات أنثى مُعقدة

مذكرات أنثى مُعقدة

الكلمات القادمة أكتُبها بدموعى لا بقلمى ! ، سوف أبدأ بالأسترسال .. فلا ضرورة فى أن أكون منمقة ، متميزة فى هذا الورق .. فلا أحد يعلم أنى أكتب مذكراتى .. وحتى إذا علموا .. لن يعرفوا ابداً انى أتحدث .. عنك !

غريبة هى تلك المذكرات .. أستطيع كتابة ما شئت فيها .. حياتى اليومية .. وتأمُلاتى ومشاعرى التى دُفنت كما يؤد البنات ! فلا رقابة ولا رقيب غيرى .. اذا كرهت اليوم .. مزقت الصفحات واذا احببته .. جعلتها خالدة .. لكى يقرائها من كان يعرفنى فى يوم ما .. من هذه الكلمات الخالدة .. الآتية !

منذ عام ألتقيتك وانا على يقين تام بأنى لن أحب أحد .. وأنى لن أدع قلبى لُعبة فى إيد الرجال .. هؤلاء الرجال الذين لا يرغبون سوى بجسدى ! .. ووضعت هذا القانون والمبدأ فى حياتى .. أنى لن أحب أحد .. وأنى لن أقع فى شباك رجل مهما كان ! ... ولكن .. الحب مهما وضعت له من قوانين وحواجز لا تسطتيع التحكم فيه ، فهو أرقى من يخضع لقوانين وعوائق البشر ! فالحب لا يعرف جنس ولا لون .. الحب لا يعرف الرحمة !

لن أتحدث عن سبب كرهى للرجال مرة أخرى ، فكما قلت ان ما أراه فى الشارع يثير أشمئزازى .. ولقلة الرجال المحترمين قررت مقاطعة الرجال ! ولكن جاء الشخص الوحيد الذى يوجد به جميع صفات الرجل من شجاعة ومروءة وصدق وتفتح وأحترام ! وظننت انى على مقدرة من ان لا أقع فى شباك هواه .. ولكن .. تحطمت الحواجز والسدود أمامه !

عندما رأيتك لأول مرة ظننت أنك مثلهم .. ترغب فى المرأة .. لا فى الأنثى ! ظننتك تعملنا نحن النساء كطبقة دنيا وانك انت السيد ! ولكن .. ما حدث بعد ذلك جعل هذا التفكير يتلاشى ويختفى .. فأنت تعامل المرأة كأنها ملكة متوجة .. تعاملها على انها أنثى لها مشاعر وأحاسيس .. لا مجرد جسد !

يقولون الحب هو اسمى معنى لمعانى السعادة ولكن لأسميها انا "السعادة المرة" ولهذا لابد ان يكون لكل بداية نهاية .. ولابد من معاقبة من كسر القوانين .. لابد من معاقبتى .. نعم .. انا الخائنة .. خُنت عهدى وقوانينى ! انا من يجب ان يحاسب ، انا المعقدة -ليس من الرجال- .. ولكن من انصاف الرجال الذين أنتشروا كالوباء ! لذلك لابد أن أظل حبيسة نفسى ! أنك إنسان كامل ولكن .. من الممكن أن تصبح مثلهم ! وانا افضل أن تكون أخر ذكرى لك عندى ،ذكرى إنسان كامل !

لعلى أتظاهر بالقوة الأن .. ولكنى أضعف من ما تتصور .. انا أحتاجك .. ولكن أحتاج نفسى أكثر .. انا أٌحبك .. ولكن أخاف على نفسى من نفسك ! ولأن اتركك الأن .. ما هو سوى أكبر دليل على حبى الشديد لك !

أتمنى لك السعادة فى حياتك ومع حبيبتك القادمة .. فأظن ان الحب هو ان تتمنى السعادة لغيرك حتى وإن لم تكن معك !

لا تغضب منى يا حبيبى .. ولكنى لست المرأة المناسبة لك ! ، لذلك سوف تظل فى فكرى وتحيا فى مذكراتى .. فهى المكان الوحيد الذى لا أُجرح فيه ... وهى المكان الوحيد الذى اشعر فيه بأنى على قيد الحياة.
                                                                                    مصطفى زكريا الشابي

الجمعة، 14 يونيو 2013

خطاب رئاسى !

خطاب رئاسى !
سوف يقوم الأن السيد الرئيس بإلقاء خطاب .. فريد من نوعه ، فـيوجد به من الصدق و الشفافية ما لم يجرؤ رئيس قبله ان يقوله او حتى التفكير فى ان يقوله ! لهذا نشكر الله على أعطائنا رئيس مثله .. كالأسد فى شجاعته ، كالذئب فى تفكيره .. فهو .. أعظم ما أنجبت مصر !

المشهد : يدخل السيد الرئيس وسط تصفيق حاد من الحاضرين ويلوح هو بدوره ليحيهم من على المسرح الفخم وخلفه علم مصر ، والمنبر الذى صُمم له خصيصاً ، فعندما تولى الرئاسة أشترط على ان يكون أشياءه لم يستخدمها رئيس قبله !
خطاب السيد الرئيس !

بسم الله الرحمن الرحيم

           ابدأ خطابى هذا بشكل مختلف ، فهذا الخطاب .. سيتذكره التاريخ بأنه الخطاب الرئاسى الوحيد الخالى من النفاق ! وأيضاً هذا الخطاب من الخطُب القليلة التى تتميز بنسبة عالية من الشفافية ! .. ولكى تصدقوا كلامى هذا .. سوف ابدأ هذا الخطاب بقول أنى أعظم رئيس جاء على مصر .. ولكن بالطبع اذا كان بين الحاضرين عبد الناصر أو السادات او مبارك .. لم يكن لتتملكنى الشجاعة لقول هذا الكلام ،ولكن لنحمد الرب على موتهم !

منذ عام أستقبلنى جميع الشعب بالهتافات والمظاهرات التى تشع سعادة لأمساكى بمقاليد الحكم .. ولكنكم حتماً لم تعرفوا ما سوف يؤول له الأمر .. فبعد أن قتلت جماعتى عدد لا بأس به من الشعب وسرقة جميع أثار البلد وأخذت أموال البنوك .. قررتم يا ايها الشعب على ان تثوروا ضدى ! لماذا اذن تثوروا ؟؟ هل بسبب فقدكم أبنائكم ام اموالكم ؟؟ أم لأنكم لم تتحملوا الحرية ؟ فاليشهد العالم بأنى انا اول من أعطى الشعب حرية التكلم فى السياسة بدون قيود .. ولكن بلا آذان تنصت له !

لماذا يا أيها الشعب لا تتحمل الديموقراطية ! لماذا تحاول ازاحتى من منصة الحكم قبل الميعاد .. هل لأنك تعلم أنى لن أرحل سوى على جثتك ؟ .. لماذا اذن جئت بى الى الحكم ؟ .. ، أشهد ايها الشعب بأنى أستثمرت موارد هذه البلد .. بدايةً من الآثار نزولاً الى الشعب ! لآتى للبلد بالمال .. وما وجد من الشعب .. منكم ! سوى كل نفور وأستياء ! .. أردتم محاكمة لرموز النظام السابق .. أعدت محاكمتهم ! ما وجدت سوى السباب والنقمان .. لقد طلبت إعادة المحاكمة .. لم تطلبوا حكم بعينه .. لذا ليس لك الحق فى الأعتراض !

وأرى الأن أستمارات توقع ضدى ! .. للخروج علىّ .. على الشرعية ! لماذا ! هل بسبب عدم رجوع الأمن ! أم بسبب عدم توافر الخدامات العامة ! أم بسبب انتشار التحرش الجنسى ! .. لأقل لكم شيئاً ... كل هذه الأشياء انتشرت بسببكم ليس بسببى ! انتم من خفتم التعامل مع الخارجين عن القانون والأخلاق ! والحُجة ! ما سيفيدنا اذا تعرض لنا أحد منهم بسلاح ! لأقل انا الرئيس شيئاً هام .. اذا قاومت وفزت كان خيراً .. واذا مت .. اذا تحتسب شهيد ! لا شأن لى انا بما يحدث فى حياتك ! انت من ترفض التعامل خوفاً على حياتك .. أنا لا أستلم مرتبى كل أول شهر لكى أؤمن حياة كل شخص فيكم .. يكفينى مهمة حماية نفسى .. انا .. ولا شخض غيرى .. انا الحاكم الشرعى والرئيس المنتخب !

اذا اردت ايها الشعب توقيع الأستمارات والتمرد والنزول فى مظاهرات ضدى .. اذا فافعل .. لأعتبر كل المتظاهرين خاريجين من جنتى ! ومن حقى التصرف فيهم كما أشاء ! ولأقل لكم شيئاً .. لو أنكم تكرهونى وتكرهونى حكمى .. اذا فاتركونى مع من أحبنى .. أرض الله واسعة .. وهناك الكثير من البلاد التى تقبل دخول المصريين ! فكان يقال عليهم فى يومٍ انهم "أعظم شعوب الأرض" !

أنهى خطابى هذا بقول : من أراد بحبوحة من الجنة .. فاليلزم الجماعة ! ، ومن أراد الدنيا .. فاليلزم الجماعة ! ، ومن اراد أن يحيا .. فاليلزم الجماعة ! 
.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته !

يخرج الرئيس وسط هتافات حب وتقدير وتصفيق حار من جميع الحاضرين من أنصاره ! 
                                                                                                        مصطفى زكريا الشابي

الاثنين، 10 يونيو 2013

الخاسرة الوحيدة

الخاسرة الوحيدة !

كانت تلعب فى خُصلات شعرها الذهبى ويسود على وجهها الناعم ذو الملامح الهادئة علامات التفكير .. كانت فتاة حالمة ، لا تمر عليها لحظة فراغ الا وشغلت مُخها بتخيُلاتها .. فمرة تتخيل أن السلام يسود العالم ، وفى الأخرى أن فتى أحلامها جاء ليخلصها فراغها الموحش ، ومرة انها فى بلد جديد وسط أٌناس جدد .. فهناك لا تستطيع التقيُد بعادات والتقاليد التى الزمت بها من وهى طفلة ! .. كانت مُخيلتها هى ملاذها الوحيد .. من هذا العالم الشُهوانى .. الذى يفكر بأعضاءه التناسلية لا بمخه ! ، كانت مثل اى فتاة .. حلُمت بأنها سوف تكون ملكة جمال .. وكلما تقدمت فى السن فقدت هذه الأمنية رونقها وأصبحت شكواها الأولى والأخيرة .. "ليه متخلقتش ولد؟"..كانت تتمنى بقدوم فارس أحلامها .. هذا الشاب الشجاع ، الوسيم ، المثقف ، المهذب .. ومثيلها من الصفات الحسنة التى تبددت فى مجتمعنا .. ولكن تلاشت هذه الرغبة وأستُبدلت بنفور شديد من كل شئ مُذكر !

ولكن رداً على هذا النفور الشديد من الرجال .. تلقت رد فعل معاكس من والدتها .. فأضحت تنهرها بنبرة جادة كأنها تمنع النقاش فى مثل هذا الموضوع "أمال .. عايزة تقعدى جنبى لحد اما تعنسى ؟.. البنت ملهاش غير بيتها وجوزها .. أمال احنا كنا بنربيكى ليه ... عشان نتأنس بقعدتك جنبنا والجران يقولوا البنت معيوبة !" وبعدها بلكنة أخرى تستعطفها بها " يا بنتى .. انا خايفة عليكى .. ومش حطمن عليكى الا وانت فى بيت جوزك..انا مش حعيشلك طول العمر .." وظلت الفتاة ذات الملامح الهادئة على وتيرتها الأولى .. ولم تنتبه الى ما قالته والدتها .. فعندما كانت طفلة تعودت على هذا الأسلوب منها .. عندما كانت تطلب منها القيام بشئ ترفضه رفضاً تام !  

كانت هذه الفتاة تشعر منذ طفولتها بأنها مميزة .. مختلفة عن جميع الفتيات الأخريات وهذا صحيح .. كانت الوحيدة ذات الشعر الذهبى فى منطقتها .. فـ حتى طريقة مشيها منذ طفولتها وحتى الآن .. واقع قدمها على الأرض مختلف عن البقية .. كانت تعلم بداخلها انها أميرة .. لم تخلق لهذا العالم .. وأنتظرت بفارغ الصبر الحدث الذى سيغير حياتها .. الذى سوف يعوضها عن الصبر التى تحملته .. حتى حدث ما كانت تخشاه طوال هذا الوقت !

دخلت عليها خالتها وكانت هى تسبح فى تخيُلاتها .. و"رقعت الزرغوطة" القوية وأحتضنتها بقوة وعنف نسائى وقالت لها مبروك يا حبيبتى ، فعلمت الفتاة ما تقصد خالتها ونظرت لأمها نظرة وكأنها تقول لها "أنجدينى" فما كان رد فعل الأم سوى الصمت .. فهل ستضحى الأم بالعادات والتقاليد من أجل مبادئ أبنتها ؟

وبدأت الفتاة تغوص داخل تخيُلاتها أكثر وأكثر ... متمنية النجدة الألهية ..فبرغم من ان العريس هو شاب فى مقتبل العمر ومحترم وذو مركز أجتماعى مرموق ولديه مبادئ قوية ، ولكنها أصرت على الرفض .. ببساطة لأنها لا تعلم ما يمكن أن يكون تحت وشاح المبادئ من أخلاق  .. فكانت تؤمن ان المبادئ وحدها لا تكفى .. لابد من وجود خُلق حسنة لتقويمها !

وقامت فى الأيام التالية بالخروج معه عدة مرات للتعارف .. وتعمدت ان تكون "باردة" أن تجعل ملامحها متجمدة .. ولكن مهما فعلت لم تكن تستطيع ان تتخلص منه .. فكانت غير انها جميلة .. فقد أقام أبناء المنطقة أسطورة بما انها كانت الفتاة الشقراء الوحيدة فى محيطهم .. قالوا ان من سوف يتزوجها ستختلف حياته وتنقلب رأساً على عقب .. فأراد أن يحقق الأسطورة .. –أو بمعنى أصح- ان يفوز بها !

وأقترب موعد الزفاف .. وطالت فترات التخيُل عند الفتاة .. وطال نظر الفتاة الى شعرها الذهبى .. لم تكن تعلم فى يوم ان ما يجعلها مختلفة هو ما سيقضى على حياتها كما أرادتها ! وجاء الموعد المنتظر .. موعد الزفاف ..

أنطلقت المنطقة بالكامل بالزغاريط .. وتم تعليق الأنوار وتجهيز الليلة وكأنها أخر ليلة فى العمر .. الكل سعيد .. الكل تحققت أحلامه .. ماعدا الفتاة المسكينة ..

ودخل العريس مكان الزفاف .. ووقف فى أنتظار العروس .. وطال الأنتظار .. حتى ظنت أمها انها قامت بالأنتحار كما فى القصص والروايات ... ولكن أتت من غرفتها فتاة .. أستغرب الجميع عندما رأها .. وتحول الأستغراب الى دهشة وذهول .. لقد تحول الشعر الذهبى الى أسود دارج .. وتسألت جميع النسوة فى الزفاف بطريقة غرضها التسلية كما يفعلون مع كل الناس .. "كان شعرها الاول احلى ." ، "يا ترى عملته بكام؟" وتبادلوا الضحكات المُجلجلة .. وجلست الفتاة فى الكوشة .. وهى تخفى دمعتها .. فـ بالفعل تحققت الأسطورة .. وقررت الفتاة ان تختلف حياتها .. وأن تصبح مثل البقية ! ..ولم تدرى الأم ان أبنتها قد ماتت بالفعل .. ولم يدرى المعازيم السعداء والعريس الفائز .. بأنها هى الخاسرة الوحيدة !

                                                                                       مصطفى زكريا الشابي

الثلاثاء، 4 يونيو 2013

كلمة السر ..."نهضة"

كلمة السر .."نهضة"

عند قراءتك لهذا المقال سوف أكون أفعل شئ من ثلاثة .. إما منهال بالسُباب على رئيس الدولة بسبب أنقطاع التيار الكهرُبائى أو منهال بالسُباب على رئيس الدولة بسبب أنقطاع الماء أو منهال بالسُباب على رئيس الدولة بسبب إنقطاع خلفى ! فعند استنهازى فرصة أنقطاع الكهرُباء فى شئ مفيد مثل الحديث الجاد مع أم العيال .. يفجعنى صوت الأولاد مع رجوع التيار بقولهم "هـــــــــــــيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه" على باب الغُرفة .. حقاً .. حتى الـ"دردشة" لا نستطيع ان نمارسها بحُرية !

وفى يوم من الأيام "الغبرة" أثناء متابعتى لبعض البرامج التليفزيونية وجدت مستشار لرئيس الدولة يتحدث على الهاتف عن ضرورة ترشيد الأستهلاك والتقطير فى كُل شئ .. حتى نبه على ضرورة تحديد النسل حتى لا يحدث مجاعة .. فقالت زوجتى بجانبى "قال يعنى مفيش مجاعة دلوقتى" ، وتحدث ايضاً عن عودة التيار الكهربائى من الغد .، وأتصل بعده مواطن وتحدث عن الكهرُباء وتحديد النسل قائلاً "يا بيه منين بيقطعوا الكهرباء ومنين نحدد النسل .. حد يجيب الفتيل جنب النار ؟" ، ومن ثم تم حل المشكلة بالكامل وبالفعل .. عاد التيار الكهرُبائى ثانى يوم .. لمدة لا تزيد عن ثلاث ساعات ... رضا !
وكثُرت بعد ذلك مشاكلى مع "أم العيال" حتى أتهمتنى بالعفن..ومعاذ الله ان أتصف بذلك .. فعندما هممتُ بالذهاب لأحد أصدقائى للأستحمام أملاً فى إيجاد قطرات الماء عنده قال لى والعزاء يملأ صوته "منين يا أبو الأحناف .. مفيش مية ، بس فى تحت خرطوم عند شفيق البواب المية بتاعته هايلة ونضيفة .. انا استحميت عنده من يومين .. أنزله وقوله انا من طرف جميل بيه وهو حيقوم بالواجب" ، وبالفعل ذهبت الى عم شفيق البواب وطلبت منه الأستحمام بالخرطوم وكان الموضوع أصعب من طلب نقل الأولاد من مدرسة بعيدة الى مدرسة أقرب فى مجمع التحرير ، وبعدما وافق قمت بالفعل بالأستحمام وشعُرت من جديد بأنفتاح مسامى الى التُراب والجراثيم فى الجو.. وبعدما أنتهيت سألت عم شفيق قائلاً "البلد مفيهاش مية وانت الوحيد اللى عندك .. جايبها ازاى ؟" رد على قائلاً "ابداً يا بيه .. شوية جراكن كنا مالينها انا والمودام بعد اما قالوا ان النيل حيشطب .. فاجولنا نعمل بزبس" ، أدهشنى تفكير الرجل وقمت بـ"كرمشة" خمسة جنيهات فى يده فنظر الى نظرة مليئة بالأشمئزاز وقال "ايه ده .. يعنى بعد المية النضيفة دى وغُناك المزعج فى الحمام عايز تدينى خمسة جنية" فسالته متعجباً "اومال عايز كام ؟" قال وهو يضع يده فى جيبه ويتظاهر بأنه أبن ذوات "سبعين جنية" ، وتم بعد ذلك نقاش حاد بينى وبينه أنتهى بأخذه السبعين جنية وفوقهم بوسة وودعنى قائلاً "مش عايزين نشوف وشك تانى هنا بأبن الجزمة" ، وما نلتُ انا سوى السُباب والضرب الحفيف من صعيدى وقلة القيمة ، لعل زوجتى العزيزة سعيدة الأن .. فبعد أن كنت "معفن" أصبحت "مكسح" ! وقررنا بعد ذلك انا و أم على –زوجتى- بإذا لزم الأمر وحان وقت الأستحمام ذهبنا الى البحر ومعنا عدة الحموم وأستخدامها "دكاكينى" بدون شعور أحد ، او حتى اذا شعروا .. لعلهم يفعلون مثلنا تماماً !

وفى جلسة صفاء انا وأم على ميلت على وقالت بنبرة رومنسية "سامحنى يا حبيبى عشان أنتخبت الخروف .. كان عندك حق .. انا استاهل ضرب الجزمة .. فطبطت عليها ورسمت قبله خفيفة على خدها وقلت لها "أنسى يا حياتى .. كان ضرورى تعملى كده ، انا عاذرك" وفتحت التلفاز وفوجدت الرئيس يلقى خطبة من خطبه اللوذعية .. فتناولت الجزمة برفق وأنزلتها على أم العيال.

                                                                                       مصطفى زكريا الشابي

الاثنين، 3 يونيو 2013

ترام النهضة !

ترام النهضة

الساعة الثانية عشر ظهراً وقد أشتدت حرارة الصيف على رؤوس الواقفين ، فجعلتهم فى حالة سخط على الجو مرددين "الجو عمره ما كان كده" ، وكالعادة لم يكن المكان مكتظ بالمواطنين ولكن فى مثل هذه الأماكن يزداد الأزدحام كلما زاد الإنتظار ... عن محطة الترام أتحدث !

وقفت مثل باقى المواطنين فى إنتظار الترام .. فهى من أأمن وسائل النقل وأرخصها ، فالكمسرى لا يطلب سوى خمسة وعشرون قرش –او يعفو- والترام كما يُعرف عنها أيضاً انها وسيلة نقل كلاً من المحالين على المعاش و"العواطلية" مما يجعلها أكثر وسائل المرور إستخداماً ! المهم ذهبت للوقوف فى محطة الترام وحولى رجلان وشاب وفتاة وأمرأة عجوزة ، كان الإقبال فى مثل هذا الوقت قليل فالمجنون أو المضطر فقط هو من يرمى بنفسه فى مثل هذا الجو !

بحثت عن مكان بعيداً عن أشعة الشمس لكى أسلم من الحرارة ولكن لم أسلم من الذباب ، ولكن سلمت أمرى لله ووقفت فى إنتظار الترام .. وفى مثل هذا الحر لا يمكنك التصدى للتخاريف التى تنتابك فأثناء الإنتظار تصبح كاليائس فى صحراء يلهث على نقطة ماء .. فكان الحال مشابهاً تماماً ، فكل دقيقة يتخيل لأحد الواقفين أن هناك صوت ترام قادم وهناك من يراها بالفعل ويهم بالوقوف لإستقبالها .. فلا تدرى هنا .. أهذا هو الأمل ؟؟ أم أن طول مده الأنتظار تجعل الأنسان يستسلم لهواجسه ؟

بدأت فى التحرك المستمر لأبعد عن وجهى وجسدى الذباب وذهبت للوقوف بجانب رجل فى سن الأربعين وكان قد ضاق به الخُلق فميلت عليه وقلت له

شكلها كده مش جاية !

يا سيدى اللى خلاك تستنى نص ساعة يخليك تستنى خمس أو عشر دقايق كمان !

فقال رجل بجانبى وقد كسا الشعر الأبيض رأسه

مش معقول كده .. فى ناس عندها مشاغل

فتمتمت امرأة جالسة على الكرسى

منه لله .. هى كانت تقتدر تتأخر كده زمان

وقد آتى شيخاً للوقوف معانا فرد عليها قائلاً

هو كل حاجة تلبسوها للراجل .. عيب كده .. أيش دخل الترام فى السياسة !

ردت المرأة عليه بنبرة تحاول بها غيظه

لو فلح رئيس الجمهورية فلح رئيس هيئة الترام

ثم قمت انا بدورى بطرح سؤال على الواقفين

طب أنتوا ليه مستنين مع انها أتأخرت ؟

رد الشيخ يا سيدى إن الله مع الصابرين .. وكل تأخيرة وفيها خيرة

رددت عليه لا يا حاج .. عند بعض الناس .. كل تأخيرة وفيها خصم !

لحد أمتى حتستنوا مع ان مفيش أمل انها توصلكم فى معادكم ؟ لحد أمتى حتفضلوا مستخسرين ربع جنية زيادة فى حياتكم ، مجرد 
إنتظارك بيثبت انك راضى ومتقدرش تستغنى عنها !

رد رجل بجانبى ما هو لو شالوا الترام البلد حتخرب ؟

رددت وليه منقولش ان حيبقى فى بديل ؟

رد رجل أخر على بص يا أبنى .. انا فاهمك وفاهم غضبك ده كله ليه ... بس تعالى نتكلم بالعقل .. مفيش حاجة فى البلد دى بتروح وبيجى أحسن منها أو حتى زيها ! .. البلد دى اللى بيروح فيها مابيرجعش .. ومفيش حد مستعد انه يغامر تانى .. مين عارف ايه اللى حيحصل !

وربت الرجل على كتفى مشيراً الى انتهاء النقاش .. جعلنى هذا أفكر ! هل أصبحنا نقبل السئ خوفاً من الأسوء ! هل سنظل نُقنع أنفسنا بكلام حتى نتمتع بنشوة النسيان ! هل أقصى ما يمكن فعله هو الدعاء والسُباب .. هل هذا يكفى كعزاءً لنا ؟ هل من كُتر الزهد الذى نعيش فيه أصبحنا لا نقوى على الرفاهية ؟

وتركت محطة الترام .. ومضيت فى طريقى الى البيت سيراً على الأقدام .. فكنت اشعر طوال الطريق بحريق هائل فى رأسى .. هل هذا بسبب الحرارة ؟؟ ام بسبب كثرة ما يدور برأسى من أفكار وتساؤلات ؟

                                                                                           مصطفى زكريا الشابى