الخميس، 19 مارس 2015

تخاريف حشيش فى الصحن الفضى

تخاريف حشيش فى الصحن الفضى

مساء الخير ..

*موسيقى برنامج العلم والإيمان مصاحب بصوت طارق نور*

فى عالم ما ، حيث تصبح كل الأشياء مبُهمة وغريبة، مُتسمة بالسطحية والتفاهة .. لا يأبه المرء لنفسه أو لغيره .. عالم مُختلف تماماً عن عالم على بابا وعلى الكسار وعلى الحجار، عالم لايزال يُمارس فيه رياضة الهيلاهوب، عالم الكوميديا فيه لا تصبح هدف أو غاية او حتى وسيلة، عالم لا يؤثر او يتأثر بقوانين الطبيعة الفيزيائية منها او الكيميائية، عالم يُصبح فيه كرسى الكبانية اكثر أهمية وقيمة من كرسى العرش، عالم دخلته برجلك الشمال عشان انتَ أشوّل وطلعت منه عشان تقابل حبيب العُمر ولكن لقيت المرحوم فريد الأطرش خطفه منك، عالم يخطفك من اول نظرة فيه ويطلب فيك فيدية سبعتاشر جنية ونص عشان انت متسواش اكتر من كده ، وبسبب انك عليت درجة حرارة التلاجة حضرتك نِمت سقعان.

 تسألنى كل ده ليه علاقة بإيه فى الدنيا ؟ اقولك ان الفراخ المحمرة دلوقتى بأربعين جنية وده ثمن غير معقول لإزازة حاجة ساقعة تتشرب مع العشاء ! مبناسبة العشاء .. صليت المغرب ولا لسه عشان المؤذن قرب ينعر فى المكروفون .. ايه ده سامع ؟ التليفون بيرن ! أكيد حد من قرايبك الرخمين اللى بيسألوك عن صحتك ومذكرتك وهم مين .. مبناسبة مين .. روح شوف مين على الباب .. ولو محصل النور بوسه وخده بالحضن وقوله "الأوردر ده ناقص" وخليه يرجع يجيب البطاطس اللى ناقصة. اخدتنى بعيد ليه ؟ كنا بنتكلم فى ايه ؟ اه ! .. زى ما انتوا شايفين .. عالم غير إفتراضى ..مش زى عوالم شارع محمد على .. كله باصص فى وشوش بعض مش فى شاشات بعض ! عالم كله عبثية وغرائبية وكوسة ومحشى وملوخية، انا بكتب على مزيكا كلاسيكية بالمناسبة .. محدش عمره فهمها مع انها معقدة وعميقة زى كل الناس اليومين دول.. وده شئ يدعوا للتأمل واليوجا ..وعشان كده مش حعلى التلاجة تانى قبل ما انام عشان انا سقعان.

بس اكيد محدش فاهم حاجة .. انا بس اللى فاهم العالم ده ، مع انى مشفتوش ولا حتى حلمت بيه .. وده مما لا يدعو مجالاً للشك ان السطر ده فى غلطات لغوية عنيفة تجعل منى فَسل مايساويش خمسة وسبعين جنية  عمل كتاب ونزله فى سوق خضار شارع القاهرة .. مبناسبة سوق الخضار .. حد قالِك انك مصتنعة جداً اكتر من عروسة مولد عاملة فيها فانوس رمضان ؟ رمضان السنة دى بقى مختلف .. حنقفل التليفزيون ونبطل نسمع اغانى عشان نعبد ربنا .. ونروح نقعد على القهوة مع صحابنا طول الليل نسَب فى الموظفين شئون الطلبة اللى بيحكوا حكاياتهم اللى حصلت مع موظفين المصالح الحكومية .. بغض النظر ان دمى محروق وحاسس بحرارته إلا ان التلاجة مش راضية تفصل .. آآآه بس لو مكنتش عالتها قبل ما انام !

بنت جميلة حلوة لطيفة .. بس ايه الريحة دى ؟ ايه ده ! انتِ حاطة بخور ولا ايه ؟ لا إذا كان شانيل يبقى حلو .. ده غالى والغالى انا معيش فلوسه .. روحى يا بنتى انا منفعكيش .. إستنى .. وصلنى فى سكتك عشان بقالى كتير برا وسايب التلاجة شغالة .. زمان البيت تّلج دلوقتى.

وصحيت من النوم .. بس كده.                   
                                                                      مصطفى الشابى 


الأحد، 1 مارس 2015

أحلام فترة النضافة

أحلام فترة النضافة

صباح الخير ..

الساعة حاولى الثامنة صباحاً .. أتخيل نفسى أقف فى وسط شارع فؤاد بجانبى محل زهور يزين مدخله بباقة ورود صفراء وبيضاء وتلتقط أذنى لحن أغنية تنتشر فى محيط المكان "دائماً أنظر الى الجانب المشرق من الحياة"، أنظُر الى الورود وترتسم إبتسامة على وجهى واتهيأ للذهاب فى طريقى اليومى المعتاد.

أبدأ فى طريقى واشاهد الناس القليلة الشارع فهذا الوقت الباكر من الصباح، منهم من يتوجه لعمله ومنهم الكهل الذاهب لإبتياع الفلافل الساخنة لزوجته واحفاده ومنهم فتاة تُنزه كلبها الذهبى الفَرح ومنهم من يصتحب حبيبته إلى المنزل بعد سهرة طويلة شاهدوا فيها الأفلام الفرنسية سوياً .. لاحظت المظهر الحسن والملابس المهندمة وعلى وجوهم الإبتسامة برغم من مختلف اعمارهم، مع إنتشار رائحة الفلافل بالسمسم الساخنة تنتشر معها أغنية "يا صباح الخير ياللى معانا" .. تتسع إبتسامتى وأستكمل طريقى.

بعد القليل من التمشية وإبتياع الجرائد أصل الى وجهتى .. "تيريانون"، أقف امامه اتأمل هدوئه وجماله وبجانبه بعض ما يطلق عليهم "فنانين الشوارع" يلعبوا ميزكا الجاز وامامهم حقائب الآلات مفتوحة لتلقى الفكة من المستعمين الفرحين .. أقف قليلاً حتى إنتهاء المقطوعة وأضع خمسة جنيهات وابادلهم التحية وأدخل الى المطعم.

داخل المطعم صوت "نات كينج كول" يصدر من البيك أب ومعه صوت همسات الجالسين  المختلطة بصوت الشوك والسكاكين .. اتوجه الى طاولتى المفضلة لكن اجدها مشغولة، احافظ على هدوئى وابدأ فى البحث عن طاولة اخرى مناسبة لى إلى ان وجدت طاولة اخرى تبعد بعض الخطوات الباب الزجاجى المهجور الذى يطل على البحر.

أجلس على الطاولة وأضع "رجل على رجل" ثم أشر إلى النادل الذى ينظر ويمئ إلى بإشاره أنه فهم ما أريد، اعود بوجهى إلى طاولتى التى يوجد عليها الجريدة الصباحية وقلم حبر أسود، أفتح الجريدة واتجاهل كل العناوين السيئة إلى ان أصل الى صفحة الكلمات المتقاطعة واتناول القلم بيدى اليمين وابدأ فى الحل، أستغرق فى التفكير اللذيذ إلى ان يتوجه نظرى غير قاصداً إلى طاولة أمامى يوجد بها فتاة جميلة .. يبدو انها تصغرنى بعام او اثنين، عينها سوداء وشعرها يميل إلى البُنى والذى يتماشى مع لون بشرتها البيضاء الناعمة .. "يا الهى" قلت لنفسى .. "إنها تحل الكلمات المتقاطعة مثلى ! " ، إبتسمت وأتيت بمنديل من على الطاولة وكتبت عليه "سامحى تطفلى ولكن جمالك الآخاذ جعلنى افشل فى حل العامود السابع بالكلمات المتقاطعة .. هل لى أن أعرف إجابته؟"، أشرت إلى نادل اخر واعطيته المنديل ليوصله وجلست انتظر بأمل وخوف.

بدأت اراقب ملامح وجهها الرقيقة وهى تقرأ ما كُتب وانا احاول ان المح أى إشارة افسر بها رد فعلها، قامت بعدل بعض خصل شعرها خلف أذنها ونظرت إلى وإبتسمت ثم بدأت بالتدوين على ظهر نفس المنديل وأرسلت نادل اخر به، وانا جالس أنتظر وصول المنديل سمعت صوت أجش خشن .. توقعت انه صوت النادل الأول الذى –من المفترض- يحضر إلى طلبى ولكن بدأ الصوت فى التكرار وبدأ صوت "نات كينج كول" بالذوبان وشعرت برياح محملة بأتربة تدخل فى عينى وكأن الباب المهجور قد تم إختراقه .. أين انا !؟

صوت غير معلوم : الحسااب !! .. يا أوسااااز .. الحساااب !

تنبهت ودعكت عينى بسبب الأتربة ونظرت جانبى إلى مصدر الصوت لأجد "البو" معلم القهوة التى اجلس عليها بجانبى يطالب بحسابه لكى "يقفل الوردية"

البو : شارب قهوة إسكتو وشاى أخضر .. يبقى 8 جينى

دفعت الحساب وانا لازلت فى وضع المفاجأة..واخذت متعلقاتى ومنديل كان يوجد على الطاولة الصغيرة، نظرت إلى المنديل لأجد عليه كلمة مكتوبة .. "فى الخيال"، أشتدت الرياح المحملة بالأتربة فأضررت إلى إدارة وجهى لليمين لتلمح عينى وردة صفراء صغيرة تنمو على مهلها بإصيص زرع موجود بمدخل عمارة عتيقة،  استغربت وتأملتها بهدوء وإبتسمت ومضيت فى طريقى إلى المنزل.


مصطفى الشابي