الأحد، 24 فبراير 2013

أعترافات نفسية .. #2


أعترافات نفسية

المريض الأول

دخل المريض الأول .. (م.ج) 29 سنة .. كاتب وممثل مشهور فى السينما ، سطع نجمه فى أقل من عامين .. ثم بدأ التمثيل فى أفلامه .. كان يأتى الي قبل أن يصبح مشهور .. يعتبرنى كما قلت فى السابق .. صديقه .. لا طبيبه النفسي .. يأتى الى متنكر .. حتي لا يلفت اليه الأنظار .. فبرغم ما وصل اليه من علم وثقافة ومركز أجتماعي مرموق فكان لا يعترف بالطبيب النفسي سوى داخل جدران هذه العيادة.

جلس على كرسي المكتب فأنه يكره الجلوس على الشازلونج ، وبدأ بتدخين سيجارة .. ومن جلسات سابقه معه كنت أعرف ما به .. ولكنى اردت ان اجعله يحكى لى .. على الأقل .. حتى يستريح .. فبدأت معه الكلام ، وكان الحوار كالآتي :

ماذا بك ؟؟ اليس هذا ما كنت دوماً تحلُم به وتتمناه ؟! اليس ما أنت فيه الأن هو ما كنت تدعو به الله فى كل الأوقات ؟ ماذا حل بك ؟

لقد أصبح الموضوع معقد للغاية .. لن تفهم !

أحكي لى واذا لم أفهم لك الحق فى عدم محادثتى بعد ذلك

إن الأشياء فقدت طعمها .. لم أعد أشعر بطعم الأكل .. لقد أصبح الطعام بالنسبة لى "زلط" فقط !! .. والكلام ... بدأت أشم رائحة المجاملات تملأ افواه الناس .. حتى النجاح .. بدأت أشعر انه .. روتيني !

يالك من أنسان غريب .. أعطاك الله النجاح والشهرة والموهبة التى أردتها كى تحيا سعيد بين الناس .. وها انت .. تشكو مما أعطاك اياه !

لقد أردت الموهبة والشهرة والنجاح كى يحبني الناس .. ولكن ها انا الأن ، لا استطيع التمييز بين من يحبنى ومن ينافقني.

 ليس كل ما تتمناه يصبح مصدر سعادة لك !

ولكن لماذا .. لماذا إن لم يكن مصدر سعادة لى أستجاب الله لدعائي .. لماذا لم يتركني أحيا كما انا ؟!

أكنت تظن اذا لم يستجب الله لدعائك لكنت فى سعادة وهناء ؟؟

بما انا عليه الأن .. أكيد !

مخطئ ... لو لم يستجب الله لدعائك ، لأصبحت الأن فى حالة رفض تام لواقعك الذى تعيش فيه .. ولسألت "لماذا لا يستجيب الله لدعائي؟".

لماذا يفعل الله بنا هذا ؟؟ لماذا لا يتركنا نعيش فى سعادة وهناء مع أحلامنا ؟

لسببين .. الأول هو انه خلقك لكى تعاني وتظمأ للسعادة والعدل ..يقول المفكر الهندى وحيد الدين خان " إذا كان الظمأ الى الماء يدل على وجود الماء فكذلك الظمأ الى العدل يدل على وجود العدل" وبما أن هذه الدنيا التى نعيش فيها لا يوجد بها سعادة ولا يتوفر فيها العدل فهذا يدل على وجودهما ولكن فى دار أخرى ، والتى يجب ان تصبر وتعمل بجد للوصول اليها... أما السبب الثاني .. لأنها مجرد أحلام.

ماذا تقصد بأنها "مجرد أحلام" ؟

الأحلام هى ما تعطي الحياة طعم .. لأن بطبيعتها لها رونق خاص بها .. لأن الأحلام التى فى خيالك بها كل ما بنفسك من شعور أيجابى .. ولكن اذا تحققت هذه الأحلام تأتي لك بكل ما تحمله من سلبيات .. من الممكن أن تقول ... أختبار.

هل أعانى من مرض ما ؟

نعم !! .. ولكن ليس لدى دواء له .. ما تعانيه هو عدم رضا .. وهذا قد يؤدى الى أكتئاب مزمن ..دوائك هو ان تحاول التعايش مع واقعك .. وأصبر .. أستعين بالله فى جميع أشيائك .. من حقق لك أحلامك قادر على جعلك تتكيف معها .... لقد تحدثنا بما فيه الكفاية اليوم .. سوف أنتظرك الجلسة القادمة كى تحكى لى أخر التفاصيل. ... خرج الأستاذ (م.ج) ودخل بعدها عبد الباري

من بالخارج؟

الكثير يا دكتور .. ولكن مدام (ه) وأبنها (ط.م) هم من عليهم الدور ..

كالعادة يا عبد الباري .. أدخلهم بعد خمس دقائق.

خرج عبد الباري وجلست انا أفكر فى شأن الأستاذ (م.ج) .. أني أشعر ناحيته بالشفقة ، فأنه اذا لم يتحسن فى القريب العاجل .. فسوف تصبح حالته يرثي لها... ان الأنسان منا ليدعو الله بأن يحقق امانيه وينسي ان يدعوه ان يتكيف معاها !

مرت الخمس دقائق ودخل كل من مدام (ه) وأبنها (ط.م) وهو يبدو عليه معالم التوتر الشديد .. وبدأت حديثي مع المريض الثاني.

*****************************

الخميس، 21 فبراير 2013

أعترافات نفسية .. #1


أعترافات نفسية

أعترافات نفسية
بدايةً .. انا الدكتور مصطفى الشابي ، ثلاثون عام ، طبيب نفسي .. تخصصت فى مجال الطب النفسي لسببين .. الأول لأني اظن ان الناس لو لم يجدوا من يشكوا له ويخرجوا له ما بأنفسهم سيصبحوا فى عداد الأموات أو –المجانين- وحتى لو كنت تحكى لأحد عن مشاكلك وتخرج له ما بجعبتك ... فدائماً هناك جزء خفى ... لا تريه لأحد .. وهنا يأتى دورى لكى أستئصل منك هذا الجزء الذى فى الغالب يكون سبب مشاكلك
 .. اما السبب الثاني اني أحب ان استمع مشاكل الناس وأرى حياتهم وأتخذ منها عبرة.

ما يغيظنى فى هذه البلد هو ان الناس ينكرون المرض النفسي .. لا يعترفون سوى بالمرض العضوي .. واذا قلت لأحد "أجربت الذهاب لطبيب نفسي؟" فيجيب بسرعة وبغضب .. "حاشا لله .. أتقول على مجنون .. انا لست بمجنون" ، بل علي القول ان هذا أشد المجانين .. أن يهمش نفسه ولا يعيرها اى أهتمام ويظن انه جسد فقط !

"العقل يعانى والجسد يستغيث" ان الأنسان جسد وروح ، وأغلب أمراضه تأتى من الروح ويستقبلها الجسد ، فلا يمكن الأستغناء عن الطبيب النفسي أبداً.

انا لا أتعامل مع المرضي على اني طبيب .. بل أفضل أن أكون صديق .. وما سوف تقرؤنه فى الصفحات القادمة ليسوا سوى أصدقاء لي .. لم يستطيعوا ان يتحملوا متاعب الحياة وحدهم وجائوا 
الي كي أعينهم عليها.

لن أحكى لكم سوى مايمكن أن تأخذوا منه عبرة
وسوف يكون أول أتهام لى اني أفشي اسرار المرضي الذى استئمنوني على أسرارهم وتفاصيل حياتهم ، ولكنى لن أحكى لكم سوى ما يمكن أن تأخذوا منه عبرة .. لن أكتب مغامرتهم الجنسية وخيانتهم لزوجاتهم ولا حتى أدمان البعض منهم على بضعة مشروبات روحية .. ففى النهاية لااريد ان يطلق علي لقب "نذل".

ندخل فى صلب الموضوع .. دخلت العيادة فى تمام الساعة الخامسة والنصف .. لم يحضر سوى عبد الباري السكرتير ..  من عادتي الذهاب الى العيادة قبل حضور المرضي للأسترخاء والأستماع لبعض الموسيقي الكلاسيكية ، فقد كانت تساعدني على تصفية ذهني من مشاكلي الخاصة ، فعلى الطبيب النفسي أن لا يخلط بين مشاكل مرضاه ومشاكله الخاصة.

عبد الباري .. -كما قلت من قبل- سكرتيري ، 48 عام ، كان يعمل تمرجي بمستوصف فى الأرياف ، جاء الى القاهرة لفرصة عمل أفضل توفر له حياة معيشية رغيدة ، ومن الطريف إن من فى الأرياف يظنون أن من يعيش بالقاهرة هم رجال الأعمال ومن جاءت له فرصة العيش والعمل هناك يصبح من المليونرات ، لقد صورت لهم أفلام السينما ان القاهرة جنة وأهلها من الملائكة ، ولكنهم يفاجأوا بجحيم ، لا يقل عن جحيم الأرياف.

دخل علي عبد الباري وفى يده فنجان القهوة الخاص بي ووقام بوضعه على المكتب .. وقال :

لقد حضر الأستاذ (م.ج) يا دكتور .

نظرت الى ساعتي وقلت لعبد الباري أدخله لى بعد خمسة دقائق

خرج عبد البارى وأغلق الباب ، وبدأت أرى ملف (م.ج) وانا اُنهى فنجان القهوة برشفاتى وأتذكر جلساتنا معاً لكى أرى أخر تطورات العلاج.

مرت الخمس دقائق ودق الباب ، ودخل علي ... المريض الأول.

***************

الثلاثاء، 19 فبراير 2013

القلم


القلم

ساعات بلاقى نفسى فاضى ومش بعمل حاجة فبقول أكتب او مكتئب وحزين فبقول أكتب وفى بعض الأحيان فى حالة حب وغرام فبقول أكتب .. مش بقول على نفسى شاعر وكاتب وكده ... تقدروا تعتبروا اللى بكتبه ده مجرد ... تفاريح .. حزن وفراغ وجوع وحب وحاجات فوق بعضها كتير مش عارف تعبر عنها غير بالورقة والقلم.
**********************
القلم
الوسيلة للتعبير عن الالم ..
بوصف حزنى وغلطي فى طريقة أبداع
 مش غرضي في يوم إن الكلام ده يتباع                             
 انا بس عايز الناس تقرا وتفهمني 
يمكن فى يوم يستفيدوا من غلطى 
اوعي تستهين بالقلم وقوته
القلم ده ممكن يهزء رئيس بسلطته
ويفتح للثورة طريق مكناش عارفين سكته  
مش بقولك كده عشان تنضم معنا
وتيجى تكتب ويانا.                
انا بقولك عشان ممكن فى يوم تحتاج لحد تحكليه
من غير ما ينافقك ولا يضحك عليك      
فمتلقيش غير القلم تشكيله                                   
وتسمع رأيه من غير م يتفلسف عليك        
سلام وأشوفكم فى خاطرة جديدة 
تكون من نوعها فريدة                            
والى اللقاء                                                                                  **************************
وحتى الأن انا عند رأيي انى مش بعرف أكتب .. وانى زهقتكم بتأمُلاتى.

                                                           مصطفى زكريا الشابي

الجمعة، 15 فبراير 2013

تدبيسة !


تدبيسة !
يا جدعاان .. اللى جاى ده طلع لسبب واحد بس ... أنى اتدبست !

 حطيت أسمى فى عرض مواهب وانا مش مجهز اى حاجة ممكن أطلع بيها بعد اما الكمان باااظ ! .. المهم .. حبة الزجل اللى جايين دول بيتكلموا عن حاجة واحدة بس .. وهو عن عمل تطوعى اشتركت فيه ، وعبارة عن مجموعة محاضرات عن السياسة والأقتصاد والذى منه من كلام مهم ! والمشاركين فى الآخر بيطلعوا يعملوا نموذج بسيط لمجلس الأمن !

وأحب أقول حاجة أخيرة .. ان الموديل ده فعلاً عظيم بكل من فيه .. وانا مبسوط انى اتدبست معاهم.
******************
أفهم وركز معايا عشان الكلام اللى جاى كبير
حكلمك فى كلام مفيهوش لازواقة ولا تجميل
ام اس سى يعنى ستاف ملوش مثيل.
يعنى شادى وأدهم وسباعى وناس غيرهم كتير.
يعنى سيشنز بتتعمل وبتطالب بالتغيير.
 يعنى أمخاخ شغالة ومش بتوقف تفكير.
يعنى دليجتس عندهم أحلام بجنحات بتطير.
 فى جنينة الواقع يزرعوها.
وأن شاء الله يحققوها.
ويغيروا المجتمع اللى عايشين فيه.
من حقنا نسعى للتغيير.
وان كان حياخد وقت كتير.
فهو لازم فى يوم حيصير.
اوعى تستسلم فى يوم.
وان يوم وقت اكيد هاتقوم.
وتحقق أحلامك اللى كانت بتطير.
وتخلصنا من واقعنا المرير.
صدقت ان كلامى مفيهوش تزويق.
ده مجرد نصح من صديق.
نفسه يشوفك فى يوم ماشى حر.
مش متكتف زى البطريق.
******************
بعد الكلمتين دول الناس سقفولى .. وواحدة بعتتلى شوكولاتة .. بس ربنا العالم اذا عجبتهم فعلاً ولا لا ..
                                                             مصطفى زكريا الشابي

الخميس، 14 فبراير 2013

فن القراءة


فن القراءة

تكلمنا فى سابق عهدنا على "فن البص" وتناقشت معكم عن ما يحدث فى الشارع المصرى ... وأردت ان أثبت كلامى بتدوينة قوية .. تأثر فى القارئ فكتبت "يوميات متحرش" ، أما الأن .. أعود أليكم بنوع جديد من الفنون وهو ... "فن القراءة".
***********************
الكثير أتهمنى بالفسوق والسفطسة والفُجر بعد تدوينة "يوميات متحرش" كنت أتوقع هذا .. ولكن بالرغم من توقعى فلقد أستغربت ! ... أستغربت لأن كثيراً من الفتيات قاموا بسبى ولعنى .. رغم انى فى هذه القصة القصيرة أريد ان أبين كمية المتاعب التى تلقاها الفتيات والنساء فى الشارع كل يوم .. لعلهم وجدوا فى هذه القصة ما جرح أحاسيسهم من ألفاظ وما الى ذلك .. أو لسبب اخر .. من الممكن انى كتبت القصة بمهارة عالية حتى ظنوا فعلاً انى متحرش !

ولكن ما جعلنى أنفجر ضحكاً هم الرجال ! .. نعم .. لقد أثبتوا لى وجهة نظرى .. بعض الرجال .. من الممكن وصفهم بعامة الشعب الذى تعرفوا على جهاز الكمبيوتر بالصدفة البحتة .. هذه الطبقة من الناس بشكل عام .. الذين يكدون ليكسبوا لقمة العيش ، المتمسكون بالعادات والتقاليد منذ ايام محمد على باشا .. هؤلاء مع كامل أحترامى لهم ولرأيهم .. لم يقرؤا القصة .. لم يفهموا سوى ما أرادوا أن يفهموه .. لقد نظروا الى قصتى القصيرة بنظرة سطحية .. قرؤا ما بها من أجساد ونهود ومؤخرات وما الى ذلك .. لم يقرؤا ما اردت ان اقوله .. على ما أعتقد رغم كلمة "متحرش" فى العنوان ما قرؤها من الأساس !

 كل متعلم يقرأ .. ولكن ليس كل متعلم يفهم ! .. إن القراءة فن بحد ذاتة .. فى وجهة نظرى الضئيلة ... القراءة أصعب من الرياضيات .. فيجب عليك أن تفهم ما فى السطور من كلمات .. وما بينها.

ليس معنى الكلام بالأعلى انى لا أقبل النقد وانى متعصب لرأيي وكتباتي .. بل على العكس .. أنا اريد من ينتقدنى .. ولكن أرجو لمن يفعل ذلك أن يأتينى بأسباب مقنعة وان يفعل ذلك بتأدب وانا على الأستعداد الجلوس معه طوال اليوم لكى نتناقش.

                                                            مصطفى زكريا الشابي.

الثلاثاء، 12 فبراير 2013

ألف ليلة وليلة


الف ليلة وليلة

الكثير اتهمنى بالحب .... وما احلى هذا الأتهام .. وأحلى ما فيه هو انهم اتهمونى بحبك انت.

لقد عرفكى الجميع بعد أن حاولت أن اخفيكى بعيداً عنهم حتى لا يراك احد منهم ، كتبت لك ألاف الرسائل المليئة بالحب والأشعار وأنتظرت رسائلك الجميلة التى كنت بقرائتها أستمتع بلذه ونشوة غريبة.

ولكنهم جميعهم أخطئوا حبيبتى .. وهنا المفاجأة ! ... لم يراك أحد منهم ، هل تعرفين لماذا ؟ ، لأنهم جسدوكِ فى صورة مادية ... على شكل امرأة جميلة مفتونة القوام ... ونسوا أغنية عبد الوهاب "عاشق الروح" ، فلقد تلاقت أرواحنا منذ زمن بعيد .. من الممكن قبل ميلادى !.

 لم أحب فى حياتى سوى هذه الروح المصاحبة لى فى كل وقت .. سموها ما شئتم "خزعبلات – خيالات" ولكنها بالنسبة الى روح ، تلك التى أجلس معها واقول لها ما فى نفسى .. وأتحدث معها فى كل المجالات .. ونسمع مع بعض فى الليل أغنية لأم كلثوم .. ونتناقش فى كتاب فلسفي عميق.

دعينى أحكى لهم حبيبتى .. حتى يكفوا عن هذه الأدعائات والقصص الخيالية من نسيج خيالهم المريض.

عذراً .. لقد وجدت نفسى فى عالم لا يهتم الا بالشئ المادى .. ولا ينظر الى الشئ المعنوى والذى هو أغلى واعز وأهم مائة مرة من الشئ المادى.

أعذورنى .. لقد حان الوقت لسماع الست مع حبيبتى ... فالنشرب كوب من القهوة سوياً ونستمتع بالأغنية .. فإنها سوف تكون ليلة من ألف ليلة وليلة فى حياتنا ... وما بعدها.

                                                                        مصطفى زكريا الشابي.


الأحد، 10 فبراير 2013

أجتماع هام !


أجتماع هام !


المكان : مصر

سبب التجمع : القمة العربية

الحاضرين : جميع الدول العربية

دخلت جميع الدول الى القاعة وجلسوا فى مقاعدهم المخصصة .. يبدو على وجه كل دولة فيهم علامات الضيق .. جلسوا فى طريقتهم المستديرة منهم من يشرب الماء ومنهم من ينظر الى الساعة ويسأل مساعدة عن ميعاد الأقلاع .. ومنهم من من يهمس وعلامات الضيق تملأ وجهه "دولة بهذه العراقة لابد وان تنتظم فى المواعيد" وهمست دولة اخرى "من تظن نفسها لتتأخر كل هذا التأخير" ، ثم نادى المنادى "برجاء الوقوف لمصر" ، قامت الدول الأخرى وعلى وجهها ابتسامة صفراء تدل على كرههم الشديد لمصر .. حتى مصر .. كان يرتسم على وجهها مثل هذه الأبتسامة ، ومشت مصر فى القاعة حتى وصلت لكرسيها .. وبدأ الحاضرين بالهمس "ياااااه .. ما أصابها ؟؟ّ!" ، لقد كان لديهم حق الأستغراب .. فقد تحولت مصر من هذه الأم الجميلة التى تشعرك فى نظرتها بالطمأنينة والدفئ ووجهها المضئ مثل قرص الشمس فى ساعة غروب الى وجه بارد ، أبيض ، أطغي عليه معالم العجز ، والهم والغم قتلوا هذه النظرة التى تشعرك بالدفئ.
جلست مصر وأرتد نظارتها المخصصة للقراءة وبدأت تقلب فى الورق المرصوص امامها ، ثم قامت دولة وعلى وجهها معالم الضيق ولكن النفاق ينبعث من أبتسامتها "نريد جميعاً ان نحيي مصر على مجهوداتها العظيمة على مر السنين وانها فعلاً أمنا جميعاً" همست دولة فى سرها قائله "انها لسيت من عائلتى فى شئ .. اه لو أستطعت ان أتخلص منها .. الصبر"

بدأت مصر فى قراءة بضعه سطور التى سوف يتم أذاعتها على التلفاز لجميع دول العالم .. "نرحب بكم اليوم فى هذه القمة العربية .. وانه لشرفاً لى أن أستضيفكم فى أرضي .. وأتمنى أن يدوم بيننا الحب والتعاون والأستثمارات وأحترام المتبادل" وأشار المصور بأنتهاء التصوير ، وقامت مصر بقول بعض الكلمات .. "ها وقد أنتهينا من تصوير الكلمة ... بأمكانكم ان تعودوا على طبيعتكم .. كلها بضعه دقائق طويلة ننهيها وكل منا يذهب الى أرضه مرة اخرى ، اما الان فيجب ان نناقش بضعه أمور" قامت دولة وقالت "مثل ماذا ؟؟" ردت مصر "نفس الأمور التى تحدثنا فيها القمة الفائتة والى قبلها والتى يسبقها".

"نفتح الملف الأول : فلسطين والأحتلال الأسرائيلى" ، قامت فلسطين ويبدوا عليها معالم الضرب والكدامات والدم المتجمد على شفتيها وقالت "ما أستفد يوماً من أجتمعاتكم .. فأنتم تتحدثون كثيراً ولكنى لم أرى اى فعل .. اغيثونى .. اغيثوا الأقصى" قامت دولة وعلقت عليها "لماذا نساعدك ؟؟ نحن أفضل حالاً بدونك .. وحتى إذا ساعدناكى .. ما الفائدة التى سوف تعم علينا ؟؟ إن الخراب سوف يعم على شعبنا بسببك وإن شعبي لا يتحمل الحرب مرة اخرى" قامت دولة أخرى " لماذا نساعدك ونساعد شعبك ؟؟ شعبك الذى قام ببيعك لليهود ؟ ومن الممكن بعد مساعدتك وإخراج اليهود منك ينقضوا علينا .. هكذا افضل لى ولكم جميعاً" ثم قامت فلسطين مرة اخرى وصرخت " ماذا ؟؟! اهذه هى ؟؟ أكتب على اذل والهوان طوال عمرى ؟؟ أين هى الهتافات التى تنبح فيها أصواتكم .. وأنت –موجها الكلام الى مصر- كيف لى ان تتركينى ؟؟ اليست أسرائيل عدوتى وعدوتك؟؟" ردت مصر "اسفه .. انا وأسرائيل الن فى حالة سلام .. وانا لا أرغب فى أن أقيم حرب وأخسر ما تبقى لى من شعب وكرامة .. يكفى ان شعبى يموت كل يوم .. تكفينى الحرب الداخلية بين أبنائى .. لقد أنتهى وقتك .. أجلسى".

جلست فلسطين وهى تجهش بالبكاء لما تلقاه من معامله من "أشقائها العرب" ، ثم قالت مصر "نفتح الملف الثانى .. الثورة الليبية" .. أريد ان أهنئ شقيقتى ليبيا بثورتها المجيدة وإذا ارادت اى مساعدة عليها ان تأخذ بالأعتبار ثورة تونس وثورتى.

"الملف الثالت ... الثورة السورية" قامت سوريا هى الأخري ويبدوا عليها مثل ما يبدوا على فلسطين من مهانة وكدامات وضرب  "يجب أن تتدخلوا .. يجب أن تنقذوا ما تبقى من الشعب السورى .. أقتلوا هذا البشار .. تصرفوا !!" ردت دولة عليها "من قام أبنائه بقتل بعضهم البعض من الممكن و أن يقوموا بقتل أبنائنا فيما بعد .. ان حلك الوحيد هو ان تدفنى نفسك .. فبعد ما حدث لن يثق فيكى أحداً منا مهما حدث" ثم ألتفتت سوريا الى مصر "وانت يا أمى ... ما رأيك ؟؟" قالت مصر"يكفينى ان أستضيف أبنائك فى أرضى .. وانا لا أريد ان اتدخل فى مسائل عائلية بين أبنائك أما الأن .. فأجلسى ..أنتهى وقتك".

ثم قامت مصر باعلان أنتهاء هذه القمة ولكن قامت دولة وقاطعتها .. "ماذا أستفدنا نحن من هذا التجمع سوى سمع نحيب وبكاء وتعكير المزاج ؟" ردت مصر "أنها أجراء روتينى يجب ان نمر به .. حتى نبين للعالم ما نحن فيه من ترابط" ردت دولة أخرى "وانت ... برغم ما تزعميه من حضارة وعظمة .. تفشلى فى حل اى مشكلة لنا .. اذا لماذا تكونى أماً لنا ؟؟ من يجب ان تكون اماً هى المملكة العربية السعودية بكل ما تملكه من اموال ويوجد بها كل من المسجد الحرام و المسجد النبوي ... تسطيع ان تساعدنا جميعاً .. أما أنت .. فكل ما تفكرى فيه الأن هو حصولك على قرض ببضعه ملاليم"

ردت مصر وعلى وجهها العجوز المهموم علامات الحزن الجسيم " صدقونى .. لو أنى املك الحل لمشاكلكم لحللتها جميعاً .. ولكنى مثلكم .. القى ما تلقوه من قتل وسفك للدماء وسرقة وأحتلال .. أنا من أضاع شبابه فى حل مشاكلكم وأفنى حياته من اجلكم .. انا من حاولت ان أجمعنا كمملكة واحدة .. ولكن أنتم من منتعوا حدوث ذلك .. لولا اهتمامى بكم جميعاً لظللت محتفظة بشبابى و وجهى الجميل .. وبعد كل هذا تقولون انى لست أمكم ؟؟! هل تعرفون لماذا توقفت عن محاولة تجميعنا كمملكة واحدة ؟؟ ... لأنى يأست .. يأست من حبكم للتملك والمؤامرات الخفية التى تريدون منها القضاء علينا واحداً تلو الأخر .. أنت مثلاً –تشير الى دولة محددة- انت من ساعد فى قدوم هذا الحاكم .. انت من تسعين فى خرابى وتدميرى والحصول على ما بقى لى من مميزات .. كيف لى أن أٌمن لكم ؟؟ كيف لى ان اقنع أبنائى بكم وهم لا يقتنعون ببعضهم البعض ؟! .. أنا أمكم يا سادة .. وانى أظل أؤمن انه سيأتى يوم يذهب فيه كل هذا النفاق وتموت بيننا البغضاء ونكون امة واحدة .. ونحررك يا فلسطين .. وننقذك يا سوريا ونبيدك يا أسرائيل .. وان هذا الوقت لقريب .. كل ما نحتاجه هو التخلص .. التخلص من الكره الذى نكنه لبعضنا البعض .. وان ننسى التخوين لبعض الوقت .. وان لا نسمع لمن يسعون للإيقاع بيننا."

وساد القاعة صمت رهيب وكانها صحراء جرداء .. وبعض الدموع محبوسة فى عين هذه الدول تهدد بالأنهمار .. وقامت كل دولة وبالنظر الى الأرض فى خجل .. ثم قالت مصر "أنتهى الأجتماع يا سادة .. أراكم فى العام المقبل".

                                                    مصطفى زكريا الشابي.                     

السبت، 9 فبراير 2013

ثورة عقول


ثورة عقول

وقد تحول هذا البيت وما كان فيه من سعاده ومرح وابتسامات الى حزن وكئابة وخناقات...أظنهم الأن قد تعودوا على الكآبة .. فحتى فى الليل يشعلوا التلفاز ويشاهدوا أخبار مصر .. لقد أصبح الحزن جزء منهم .. أصبح الهم والغم جزء منهم فإذا حدث شئ فى يوم وجعلهم سعداء لابد ان يحولوه الى حزن وهم.

لعل الخطأ ليس منهم .. من الممكن ما تعودوا على رؤيته كل يوم من قتل وسفك للدماء وخلافات جعلهم مبرمجين على الكآبة ولكنى لست مثلهم ... ولن أكون .. أنا أنسان سعيد.

يقولون فى بعض كتب علم النفس إن لم يكن فى أغلبها السعادة هى "تحويل الافكار السلبية الناتجة من الأكتئاب إلى افكار إجابية" ، إذا لابد ان نحول كل ما نسمعه الى افكار إجابية ... ولكنى لم افعل ذلك لأكون سعيد ، فإنى أعلم جيداً ان أخبار الوطن الأن لا يمكن تحويلها الى شئ إيجابى إلا اذا كنت شخص مخبول .. وإن كنت لا أرى ايضاً فى هذه البلد رجاء ولا فى شعبها ولا فى حكامها ...لقد حكم الله على هذه البلد ومن فيها بالجهل..وإن تعليم جاهل أصعب بكثير من تعليم أمي.

ما أفعله هو شئً واحد فقط ... وهو الأنفصال ... الأنفصال عن هذه العالم ..وليس بالأنفصال أعنى الأنفصال الكلي .. بل الجزئي .. هو هروب العقل من المؤثرات السلبية المحيطة به وخلق محيط جديد حوله يوجد به كل ما يلزم لتحقيق السعادة ، أنا مثلكم .. أتابع أخبار الوطن .. ولكن فقط بقرائه العناوين.

وانى فى هذه الفرصة اريد ان أعتذر لعائلتى ... أنا اسف لعدم أمضاء وقتاً كثيراً معكم ... ولكنى لا أريد ان أقتل هذا الجزء السعيد فى عقلى .. إلى ان تغيروا القناة .. أشتاق أليكم. 

-بعد قرائتى الشخصية لكل ما سبق- .. أنا أنسان سلبي ... ولكن سلبيتى هذه تحُول بينى وبين الموت بالسكتة او الأنفعال الشديد او حتى أصابتى ببعض الأمراض المتوطنة مثل الضغط والسكر .. وكما قلت .. انا لا ارى فى هذه البلد ومن فيها من رجاء ... اذا اردتم ان تثوروا ، ثوروا على عقولكم لا على حكامكم .. ما يحتاجه الوطن هو ثورة عقول ، وحتى نقوم بهذه الثورة ... فأنا فى عالمي الخاص.

                                 مصطفى زكريا الشابي.