الأحد، 26 أبريل 2015

الإنسان لا يعيش مرة واحدة

الإنسان لا يعيش مرة واحدة


مساء الخير ..

الإنسان لا يعيش مرة واحدة .. هذا ما استنتجته عندما اتممت عامى العشرين، فمع صِغر سنى الفعلى إلا انى قد اكتشفت إنى قد عِشت اكثر من مرة وأكثر من حياة .. قد تجد هذه السطور غريبة وليست مألوفة .. وهو ما قد يجعلك تمتنع عن قراءة باقى المقال .. فهذا هو القانون الأكبر عند البشر : أنت تُفكر عكسى إذاً فأنت لا تُفكر وهذا ما يجعلنا نتوقف ونتسأل .. هل نحن أمة تخشى التفكير ام تخشى التفكير الذى يجعلها تُفكر فى عكس ما تُفكر فيه –او ما تعودت ان تُفكر فيه- ؟ الموضوع يستحق التأمل، ولكنه ليس موضوعى الاساسى –على الاقل الان- .. الأن سوف اثبت لكم ان الإنسان يعيش اكثر من مرة.

من وجهة نظرى المتواضعة والتى اجدها دائماً محل عدم تقدير وذلك ليس لغرور فى نفسى ولكن لعدم إفصاحى عنها فى معظم الاوقات ولكن ها انا الان اقولها : إن مع كل شخص تقابله وكل أغنية تسمعها وكل فيلم سينمائى تراه وكل إنسان تسمع عنه فى حياتك تضيف لنفسك حياة أخرى، فمع كل شخص تحبه وتثق فيه يضيف إلى حياتك حياة اخرى لم تكن تعرفها ومع كل أغنية تذوب لها القلوب تضيف لك مشاعر وتتخيل فى خلفيتها حياة جديدة على أنغام الكمنجات وكل فيلم تعيش مع ابطاله حياتهم وتتأثر بها وتتخيلها حياتك الخاصة. النظرية بسيطة للغاية وقد تبدو تافهة لاقصى درجة .. ولكنها واقعية –على الاقل بالنسبى لى-.

أسمحوا لى أن اشارككم خاطرة دائماً ما تأتى فى خيالى المزدحم "إننا نحزن عند موت شخص نعرفه، ليس لحبنا له ولكن لشعورك ان جزء من حياتك قد إنتهى بلا رجعة" وهذا هو الحزين، فى واقع الامر هذه الخاطرة قد تجعلنى لا انام فى بعض الليالى متأملاً أن جميع من اعرفهم قد ذهبوا بلا رجعة وانا منتظر ان تُسلب منى ما بقى من حياة وهى فى شخصى الضعيف.

لماذا نذهب بالأمثلة إلى هذا الحد .. هناك مثال بسيط للغاية : حياتك الحقيقية وحياتك الإفتراضية التى تستمتع بها على مواقع التواصل الإجتماعى. وهو ما جعلنى اكتشف هذه النظرية بالصدفة البحتة .. بمجرد ان قمت من على جهاز الكمبيوتر الخاص بى وبدأت بالشعور وكأنى إنسان جديد .. لديه حياة حقيقة ويتعامل مع اشخاص حقيقيين .. يرى ردود فعلهم على الطبيعة وليس مجرد رموز على شاشة، بمجرد ان خرجت للحياة الحقيقية وأكتشفت ان هناك الكثير يمكن فعله والإستمتاع به .. والكثير من الأشخاص الذين يمكن أن يضيفوا لك حياوات أخرى لا تعلم عنها شئ .. أنصحكم جميعاً بالتجربة .. تجربة الحياة .. حياة حقيقية ليست إفتراضية.

لا أرغب منك فى نهاية المقال ان تقتنع .. بالعكس انا اتوقع منك إتصال هاتفى تقول فيه "ياكئيب ياسئيل ايه اللى انت كاتبه ده !!" ولكن اعذرونى فدوامى كمونولجست ينتهى فى تمام الساعة الرابعة عصراً وانا اكتب هذا المقال الساعة العاشرة مساءاً على انغام استاذ بليغ حمدى، مما يجعلنى فى حالة رائعة .. ليس لكتابتى الكئيبة ولكن لان هذه الموسيقى الرائعة اضافت لى شيئ هام .. أنى أكتشفت انى اكتب فى محاولة لإكتشاف نفسى .. وانشرها لكم فى محاولة بسيطة لمساعدتكم أن تفعلوا المثل،  لعل موهبتى الحقيقية ليست الكتابة .. ولكن الكتابة ستكون وسيلة لإكتشاف موهبتى الحقيقية.

 فى النهاية أقول ان حياتنا جميلة .. كل حياتنا –الخاصة او المكتسبة- حتى إذا لم تبدو كذلك لك .. ولكنها جميلة وستكتشف ذلك فى وقتً ما، لا أطلب منك أن تفهمها ولكن أتمنى ان تستمتع بها.


مصطفى الشابي