الخميس، 5 أبريل 2018

لا تخرج قبل أن تقول وداعاً


لا تخرج قبل أن تقول وداعاً

إن كنت من أصحاب القلوب الضعيفة والرقيقة -مثلى- دائمين التعلق بالأشياء والأشخاص فهذا المقال مناسب لك تماماً، ولكن إن كنت تأمل على إيجاد حل لهذه المشكلة فأخرج الأن فأنا يا عزيزى لا أقدم حلول .. انا هنا للبحث عنها !

تعودت منذ الصغر على ان احافظ على ألعابى .. فكنت عندما ارغب باللعب اذهب الى دولابى واخذ اللعبة برفق، اقوم بإخراجها برقة من علبتها واضع العلبة بجانبى وعندما افرغ من اللعب اقوم بوضعها كما قام المصنع بتعبئتها فى علبتها من جديد .. وعندما كانت تخبرنى امى انى كبرت على هذه اللعبة وعلى إعطائها لاحد اقاربى لانه اصغر منى كنت ارفض بشده .. كيف لى أن اتخلص من ألعابى التى شاركتنى كل لحظات طفولتى .. فهم عاشوا معى سعادتى وحزنى وساعدونى بالهروب من واجب الرياضة .. هل نتخلى عن من أحسنوا إلينا فى حياتنا ؟ بالطبع لا .. وهكذا نشأ بداخلى شعور التشبث بالأشياء .. وكبر معى حتى أصبحت ما انا عليه الأن .. "شحط طويل عريض لسه عنده لعب حضانة" !  هذا الموضوع بالطبع تحول من مجرد ألعاب .. فبدأ فى التطور شيئاً فشيئاً .. التعلق ببعض أكواب القهوة، التعلق بملابس كبرت فيها وأرفض التفريض فيها حتى الأن، ومع التطور التكنولوجى السريع .. التعلق بهواتفى المحمولة ! حتى انى أتذكر فى مرة قمت بالبكاء لمجرد تغيرى هاتفى .. وبالطبع اكبر ما تعلق بقلبى هو الروتين ! اما الأشخاص هم أقل من تعلقوا بقلبى .. لعل السبب فى هذا هو انى أعلم انهم ليسوا دائمين ! .. وهنا نأتى لصُلب الموضوع وهو .. لماذا اكتب هذه المقال ؟

فى الفترة الاخيرة كلما استمعت إلى اغنية "لما الشتا يدق البيبان" اقول لنفسى "بس هو يجي يا استاذ على واحنا ندخله ونضايفه ونخليه يبات كمان" ولكن من الواضح انه الشتاء قرر عدم معاودة الزيارة هذا العام .. لعل السبب هو ان الشتا "واخد على خاطره" منِ منَ هم مثلى من البشر الذين يعشقوا فضل الصيف وجوه المشمس المشرق الجميل ونهاره الطويل الممتع .. فإن حرارة الصيف الشديدة حلها البسيط هو دُش بارد منعش .. ولكن برد الشتاء القارص يتطلب الكثير من الملابس والدفايات والبطاطين مما يزيد الوزن ويجعل حركتك بطيئة للغاية .. ولكن بالرغم من ذلك أحب فصل الشتاء..لا لشخصه بالطبع ولكن لأنى شخص روتينى تعودت على التغييرات الموسمية فأرى انى قد التزمت بدورى وقمت بإخراج الملابس الشتوى من الدولاب وجلست على الفوتية وبجانبى كوب الكاكاو الساخن .. ولكن لم يلتزم الشتاء بميعاده وتركنى وحدى "سايح فى عرقى" .. ولكنى أشتقت الى المطر واوراق الشجر الخضراء المبتلة والشوارع المغسولة وإخراج يدى من النافذة ساعة المطر مثل الاطفال لكى تبتل .. ولكنى كما يقول استاذ على "مش جاى الومك على اللى فات ولا جاى اصحى الذكريات"  المشكلة الكبيرة ليست فى وجود فصل الشتاء من عدمه .. فأنا كما قلت أحب الصيف بحرارته وشمسه ولكن ما فى الامر هو أننى هذه الفترة أمر بمرحلة جديدة فى حياتى .. تجعلنى ليس فقط أخشى التغيير ..ولكتى اتشبث بكل ما أستطعت فى الروتين .. كل ما هو مألوف ومعروف لعقلى أتمسك به .. ولكن للأسف وقع أعتمادى على الشئ الخطأ .. فكنت اخر ما كنت ارغب به هو تغيير فصول السنة الأربع إلى فصل واحد .. ولكن يبدو اننى لا يمكننى الأعتماد على اى شئ فى هذا الزمن .. حتى الطبيعة !

أظن ما يحزننا ويقلب روتين حياتنا هو التغيير المفاجئ .. فى إعتقادى لو أستيقظت من نومى ووجدت مج القهوة يقول لى "حتوحشنى يا صاحبى .. انا حتكسر النهاردة" كنت سأصبح اكثر تقبلاً للوضع .. لو كان ودعنى الشتاء الماضى وقال لى "شفت السقعة دى ؟ مش حتشوفها تانى .. اصلى مسافر امريكا السنة الجاية، الأحتباس الحرارى حياخد مكانى .. باى باى" سأتقبل الوضع .. على الأقل كنت وفرت ثمن الجاكت الذى أشتريته هذا العام .. كل ما نحتاجه هو لقاء اخير .. سلام اخير .. تذكار محبة .. وعربون وفاء.

فإذا كنت من أصحاب القلوب الضعيفة او اصحاب القلوب القوية .. او كنت متحجر القلب، نتفق جميعاً اننا نستحق لقاء اخير .. فإذا كنت ترغب فى الرحيل وتدمير روتين حياتى .. فأرجوك .. لا تخرج من حياتى قبل أن تقول وداعاً ! 
*فى ذكرى اسخن شتاء 2017\2018
                                                                               
                                                                          مصطفى الشابى