السبت، 12 أكتوبر 2013

أبتهال

أبتهال


فى هذا الجامع الضخم العتيق الذى يحتفظ بالكثير من أسرار زواره .. جلس حسين فى زاوية نائية بعيدة عن الخلق .. وأسند رأسه على ساعديه وأخذ يفكر فى حياته وعن الكلام المحبوس بداخله .. مشاعر متضاربه .. حب ، خوف ، فشل ، نجاح ، ثقة ، إهتزاز .. كان يريد أن يتخلص من كل هذا ويصبح ولو مرة واحدة متبلد المشاعر والأحاسيس .. أن يتخلص من عقله المُفكر وقلبه الحساس .. تمنى ولو للحظة أن يعرف ما هى حقيقة هذا الشعور .. هل هو بسبب توتره الزائد أم .. بسبب غضب ربانى عليه .. أم انه مجرد يوم غائم يمر عليه ككثير من الأيام السخيفة التى تمر على الإنسان .. كان بحاجة إلى الشئ الذى يجعله قوى مرة أخرى .. كان بحاجة إلى ... الأمان ! الأمان النفسى والروحى ... كان يريد أن يشعر انه ليس وحده .. ولكن هناك من يسانده .. ولم يكن يشعر بهذا سوى فى الجامع الضخم العتيق !

وعندما أشتد به التفكير .. سمع صوت فى مقدمة الجامع .. يبتهل ويناجى ربه .. بصوت رخم هادئ يبعث فى نفس الإنسان السكينة والهدوء .. ذلك الصوت الذى يتلاعب بالمقامات الموسيقية لجعلك تبكى وتخرج ما بداخلك من مشاعر متضاربة ! كان المبتهل يقول :
يارب يا مُجيب الدعاء

أحفظنا من كل داء

وأرفع عنا البلاء

وأجعل خير الجزاء

جنة نُرزق فيها بسخاء

فأنك انت الوهاب

ترزق من تشاء بغير حساب

 وأنك انت عليم

 بما فى النفس من هموم

فأجعلها يا رحمن لا تدوم

على عبادك الطائعين

يعبدوا لك مخلصين

وهم فى رحمتك طامعين

وأغفر لعبادك المعاصى

وتُب على كل عاصي

فغافر الذنوب هو انت

وانت التواب الرحيم

فسبحان ربى العظيم

وصلاة وسلام على أشرف المرسلين

والحمد لله لك يا رب العالمين

حين إذ .. شعر حسين بالإطمئنان .. كأن المبتهل أسرد كل ما بداخله .. علِم انه ليس وحده ولكن .. فى مكانً ما فى السماء الله يراقبه .. ويسانده ! فمن الممكن أن ينهى كربه فى لحظة .. كل ما يتطلبه الأمر هو الصبر والدعاء !  ، وقام حسين ووقف فى صفه المستقيم أستعداداً لأداء صلاة الفجر إلى حيث تلك الليلة الروحانية تنتهى !
                 
     مصطفى زكريا الشابى


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق