الأحد، 6 يناير 2019

لما الشتا يدق البيبان

لما الشتا يدق البيبان

مساء الخير ..

اكتب لكم هذا المقال بأطراف مجمدة، لا استطيع حمل القلم والكتابة .. حتى الافكار تخرج من عقلى مجمدة كقطع ثلج فى كوب "حاجة ساقعة".. لا اعلم بماذا تشعروا ولكنى اجد ان برد الشتاء قاسى .. خصوصاً على محبين بهجة الصيف .. لطالما كان الشتاء بالنسبة لى فصل كئيب، ليس يوم فقط بتجميد اطراف جسدى ويصيبنى بأفظع انواع البرد والزكام وخلافه .. بل ايضاً يقوم بتذكرتى بأنى وحيد ولم احقق اى من احلامى بعد !

ومع طول الليالى الشتوية أبدأ بالتفكير فى المستقبل وتذكر الماضى فأنسى الحاضر الذى اعيشه .. وأدخل فى دوامة فصل الشتاء التى لا تنتهى .. لعل الشئ الوحيد الذى اعشقه فى الشتاء هو استماعى للموسيقى الكلاسيكية اثناء المطر .. لتصبح حياتى كمشهد جميل فى فيلم فرنسى هادئ .. ولكنى اجد نفسى فى نهاية المقطوعة الموسيقية كأنى فى فيلم لنادية الجندى ملئ بالتوتر والاكشن والاثارة .. وهنا يأتى السؤال .. هل مُقدر لنا ان تصبح حياتنا كفيلم فرنسى هادئ، مريح للاعصاب ؟ ام كُتب علينا ان نعيش التوتر والاكشن والاثارة التى تعيشه الفنانة نادية الجندى فى جميع افلامها ؟ 

هل هذا انا فقط ؟ هل انا فقط من تزيد همومه فى فصل الشتاء وتنفرج بمجرد قدوم فصل الربيع الوردى ؟ لا اعلم ولكن عند قدوم الشتاء اشعر انه لن ينتهى وانى سأغرق فى المطر وهمومى فى آن واحد ! اظن ان يوجد الكثير مثلى .. بمجرد قدوم الشتاء يأتى اتوبيس الهموم وينزل ركابه اما باب الغرفة منتظرين استيقاظى من النوم ليبدأوا بالانقضاض عليا واحداً تلو الاخر .. كم اتمنى ان يأتى الصيف ليقضى عليهم بأشعة شمسه المبهجة ويخلصنى من هذا الحزن !

لا اريدكم ان تظنوا انى متحامل على فصل الشتاء .. ففى النهاية هو فصل فاضل يوجد به الكثير من الذكريات الجميلة .. والاهم انه يوجد به عبير الطفولة البريئة المختبئة فى رائحة اليوسفى الجميلة .. ولكن يوجد شئ دائماً حزين به .. قد يقول بعض الاشخاص المهتمين بالاساطير ان السماء انفصلت عن الارض فى هذا الوقت من العام .. لذلك تقوم السماء بالبكاء فى هذه الايام حزناً على الفراق، وقد يقول المهتمين بالسينما ان اغلب مشاهد الحزن والانفصال والتجهيز للمهمات الوطنية كانت فى المطر عندما كان يمشى البطل على كوبرى قصر النيل وحيد فى المساء بجاكته الجلد المميز .. قد يتذكر البعض المهتم بالموسيقى اغانى مثل "لما الشتا يدق البيبان"  او اى اغنية "حبيتك بالصيف" والسيدة فيروز تغنى وسعيدة بإستلامها رسالة من حبيبها كاتبها لها بالدمع الحزين، ولكن كان الشتاء ماكر وقام بتشويهها فتقول "وحروف الرسالة محيها الشتى" .. لعلى اكون تحاملت فعلاً على فصل الشتاء .. او من الممكن ان اكون ظلمته .. ويكون حزن الناس المتراكم عبر السنوات هو ما اوحى لى ان الشاء فصل حزين ورمادى اللون "دمعته على خده".

وعلى النقيض تماماً نجد فصل الصيف .. الفصل المشرق والملئ بالحيوية والنشاط، أشعة الشمس .. بهجة، الجو الحار يرطبه البحر .. ويحلى السهر والسمر فى المساء وسط الاصدقاء والعائلة، الكل يعانى فى الشتاء .. والكل فى الساحل فى الصيف، نجمع تبرعات لشراء البطاطين فى الشتاء، ونقوم بشراء مايوهات فسفورية فى الصيف .. اروع قصص الحب فى الافلام كانت فى الصيف والطف الافلام الكوميدية الكلاسيكية كانت فى الصيف "شاطئ المرح"، "فى الصيف لازم نحب" ولا ننسى اغانى عبد الحليم "قاضى البلاج" و"دقوا الشماسى" الذى يتغنى فيهم حليم بروعة الصيف "بسم الهوا والشمس والبلاجات، بسم الشباب والحب والاجازات" .. اظن انى لن اى اغنية او كوبلية يقوم بوصف بهجة الصيف مثل هذه الاغنية.

فى النهاية اظن ان تذمرى هذا عن فصل الشتاء وبرودته وكئابته لن يجعل الايام تمر أسرع .. ولكن كان يجب علي ان اشارك ما اشعر به .. حتى لو مع نفسى .. حتى إذا حدث لى شيئاً فى هذا الفصل تعلموا من هو الجانى وأن المجنى عليه عانى قبل وفاته بالرشح، الزكام، الحرارة الشديدة وعدم الاحساس بصوابع قدمه .. ولكن فى النهاية كما اقول لنفسى فى اوقات الضيق .. لا شئ يستمر إلى الابد، فكل شئ يتغير مع مرور الزمن .. حتى الزمن نفسه يتغير لذلك كل ما يمكننا فعله هو الانتظار .. حتى تتغير الايام والفصول ويأتى الصيف من جديد ومعه بهجته المعهودة وايامه المشرقة .. حينها ستشرق الشمس على ايامنا المظلمة وتتبدل الاحوال إلى الافضل .. دائماً إلى الافضل.


                  مصطفي الشابي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق