الثلاثاء، 9 يوليو 2013

سلطة !

سَلَطة !
أجتمع الموظفون العاملون بمصلحة الشئون الإجتماعية على مكاتبهم فى الصباح الباكر ليباشروا عملهم المخصص لخدمة المواطنين .. ثم ألقى أستاذ خليل سؤال على زمائله الموظفين

 "هو أستاذ إحسان مجاش النهاردة ولا إيه

فرد عليه الأستاذ فتحى "لا .. ما هو قال حيتأخر النهاردة شوية"

فقابله أستاذ خليل بدوره بسؤال آخر " ليه كفا الله الشر ؟"

رد أستاذ فتحى "أبداً يا سيدى .. الأستاذ حابب يعزمنا النهاردة على الفطار"

قال الأستاذ خليل "كتر خيره والله .. على الله مايتأخرش عشان مايخدش جزاء من المدير"

رد فتحى " اه والله عندك حق .. إكمن المدير بتاعنا ده .. أستغر الله العظيم"

قال خليل وهو يغمز بطرف عينه لفتحى بعد أن لمح المدير وهو يمر بجانب المكتب "بس والله أحسن مدير جالنا من فترة طويلة"

 ثم لمح فتحى الأستاذ إحسان وهو فى أخر الممر ومعه كيس ممتلئ على آخره وقال "أهو شرف اهو"

دخل إحسان المكتب وجلس على كرسى مكتبه الخاص المُطل على منظر المترو وأخرج زفرة قوية تنم على التعب .. وقال لزملائه "جبتلكم شوية سندوتشات انما ايه .. حتعجبكم أوى .. من محل الناس ملمومة عليه بطريقة غريبة .. الغريب عن المنطقة يفتكر انه يوزع سندوتشات ببلاش !"

قال خليل "تسلم إيدك والله .. شكلك تعبت عقبال ما جبت الأكل"

رد إحسان "وأى تعب .. بقولك زحمة رهيبة .. مد أيدك بقى وخدلك سندوتش .. تحب فول ولا فلافل ؟"

رد خليل "هات فول" وقال فتحى "إدينى انا بقى أتنين فلافل"

أعطى إحسان السندوتشات لكلاً من خليل وفتحى .. وبدؤا فى الأكل بشراهة .. وأعجبوا بالطعام للغاية حتى طلبوا منه أن يكثر من هذه العزائم الشهية ولكن فى هذه الأوقات كان إحسان ينظر بإحباط الى سندوتشه .. فسأله خليل عن سبب إحباطه

"مالك يا إحسان .. مش بتاكل ليه ؟"

رد إحسان "ابداً .. بس البياع الغبى .. حط لى سلطة فى الرغيف .. وانا مابحبهاش!"

رد خليل "ما هى غلطتك .. كنت لازم تقوله"

قال إحسان "قلته أكتر من مرة .. حتى إنى ساعات باتعمد دخول المحل فى أوقات مفيهاش زحمة عشان أكد على الواد اللى بيعمل السندوتش انه يحطش سلطة .. بس بردو .. بمجرد أنى أروح بلاقى الرغيف كله سلطة"

قال خليل " مجربش تشتكى للمدير ؟"

رد إحسان "روحت والله .. قلت له كده ماينفعش .. وانا زبون قديم والحركات دى .. ووعدنى بحل المشكلة فى المرات الجاية .. وبردو مفيش حاجة أتحلت .. كل أما أفتح السندوتش الاقى سلطة"

قال خليل مازحاً "مجربتش تغير السندوتش ؟"

رد إحسان بأسف "عملت كده فى مرة .. دخلت المحل وقلت له عايز واحد بطاطس من غير سلطة .. وبالفعل أخدت طلبى وفتحته وتأكدت ان مفيش فى سلطة"

قال خليل "حلو .. اهى أتحلت"

رد إحسان بنفس نبرة الأسف "ساعتها تخليت ان ربنا رضى عنى وحاكل سندوتش من غير سلطة .. بس فجأة أكتشفت وجود سلطة فى قاع الرغيف"

قال خليل "وأتصرفت إزاى ؟"

رد إحسان " دخلت المحل وطلبت المدير وزعقت وبهدلت الدنيا .. وقال لى الصبى اللى عمل السندوتش .. (حضرتك مطلبش انه يكون من غير سلطة) .. ساعتها طلبت من المدير انه يرفده ويجيب واحد تانى ميكذبش الزبون"

قال خليل .. "جميل .. عرفنا العيب كان منين .. وياترى .. أترفد ؟"

قال إحسان " أترفد آه .. وجابوا واحد تانى زباين المحل المضرورين نقوه .. وقلت ساعتها مش حلاقى سلطة .. بس قليل الحظ يلاقى العضم فى الفشة  .. من أول يوم .. لقيت سلطة وأكتر من الأول كمان"

أقترح خليل ببراءة "طب ما تغير المحل ؟"

قال إحسان "وأروح فين .. مفيش غيره قدامى"

قال خليل "ليه يا عم ... محلات ربنا كتير"

قال إحسان "المحل ده أرخص محل فى المنطقة .. وأقرب واحد لبيتى وعشان أغيره .. حيبقى فى مشاوير وتذاكر مترو وتُكُسة ووجع قلب"

قال خليل "يااه .. مفيش قدتمك غير إن صاحب المحل يموت .. او يتغير"

قال إحسان "تفتكر ده الحل ؟!"

قال خليل "أكيد .. مفيش غير كده"

قال إحسان "يا خليل يا صاحبى .. المحلات دى كلها ماشية بنظام واحد .. المدير يموت ، يتغير .. العُمال أتعودت على نظام واحد .. اللا مبالاة ، عندك مثلاً المصحلة دى .. جه عليها كام مدير .. حاجة أتغيرت .. خلاص .. النظام تغلل فى المصلحة حتى أصبح روتين من المستحيل تغيره .. إلا لو غيروا العُمال والموظفين والمدير .. من الأخر .. مصلحة جديدة !"

قال فتحى وقد أنتهى من نائبة من السندوتشات " لك لك لك .. أسكتوا شوية بقى عشان المدير بيمُر"

وقام خليل وفتحى وإحسان بالإنهماك فى الأوراق امامهم لحظة مرور المدير .. ودخل المدير المكتب ووقف الموظفين الثلاثة العاملين به و توجه الى مكتب الأستاذ إحسان قائلاً "أكل فى المصلحة يا إحسان ؟"

رد إحسان "ده فطار يا باشا .. حاجة بسيطة كده .. أتفضل معانا" ومد إحسان للمدير يده الممسكة بالساندوتش

قال المدير وهو يأخده "بعد كده متعطلوش مصالح الناس" ويأخد المدير قضمة من الساندوتش ويسأل إحسان "منين الأكل ده ؟"

رد إحسان "من محل شرق"

قال المدير "وياترى شُفت كمال ؟"

سأل إحسان "كمال مين يا فندم ؟"

رد المدير "كمال المدير .. شُفته"

رد إحسان "إيوة يا فندم .. شُفته .. هو حضرتك تعرفه ؟"

قال المدير "قال اعرفه قال .. كمال ده يبقى أخويا"

أندهش إحسان وباقى زملائه برد المدير وقال "أخو معاليك ؟"

رد المدير "أيوة ايوة .. هو مفيش شبه كبير فى الشكل .. بس طبعاً فى شبه فى الإدارة .. شُفت ممشى المحل إزاى على العجيب ما يلغبطوش !"

رد إحسان "أكيد يا فندم .. ده أحسن محل فى المنطقة كلها .. الله يحفظكم جميعأً"

رد المدير " شكراً شكراً .. يلا كملوا شغلكم .. وانت يا خليل .. خلص ملفات بتاع الست الأرملة النهاردة !"

قال خليل "حاضر يا فندم .. أمرك"

وغادر المدير المكتب .. وجلس الزملاء الثلاثة على مكاتبهم ونظروا لبعض بتعجب .. وقال إحسان وهو ينظر لكيس الطعام موجهاً كلامه لخليل "مش قلتلك .. مفيش فايدة !"


                                                      مصطفى زكريا الشابي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق