الثلاثاء، 8 يوليو 2014

موجة راديو

موجة راديو


فى وقت الفجر .. صوت أم كلثوم فى الخلفية

*لا توحش النفس بخوف الظنون ، وأغنم من الحاضر أمن اليقين* 

أتسائل وحدى فى ذلك الظلام الذى يسبق طلوع الشمس .. هل لى نصيب من تلك الأرزاق التى سوف توزع اليوم ؟ أتضرع بالبكاء نحو الله ان يهدنى الى الطريق الصواب .. ليس فى العبادات .. فأنا أعرف طريقها جيداً ولكن فى الحياة .. فبرغم من بلايين البلايين الذين عاشوا وماتوا .. ستظل الحياة هى أكبر لغز !

فى ظِل الوحَشة والظُلمة .. ودموع ممتزجة بخوف من المستقبل وتَرقب له .. ينطلق آذان الفجر فى الأفاق ليقطع الظُلمة وليُنهى الوحَشة وليسود الأطمئنان فى النفس !

الساعة الثامنة صباحاً .. امام مرآة الحمام أحلق ذقنى وينطلق صوت محمد قنديل

*يا حلو صبّح يا حلو طل .. يا حلو صبّح نهارنا فل*

قبل فترة ما كنت أرى ان النهار هو أجمل فترة فى اليوم .. فهو يبعث الأمل والتفاؤل فى النفس والضوء الدافئ الذى ينير الضواحى يجعلك مطمئن أن مهما طال الظلام لابد من أن يقضى عليها نور. وهذا يجعلنا نتسأل .. مَن خُلق قبل مَن .. هل هو النور أم الظلام .. من الذى يفوز على الثانى كل يوم .. هل هو الضوء الذى يمحى أثار ظلام كل ليلة .. أم الظلام الذى يستمر دائماً وأبداً فى العودة ؟ من هو البطل الحقيقى ؟ ومنَ هو المُدعى ؟

العاشرة صباحاً .. وجدت مكاناً بالأتوبيس .. جالس بهدوء حتى جائت سيارة منبعث منها صوت اغنية ليست بالقديمة ولكن مر عليها زمن

*لو الهوى يتباع كنت أروح وأودى واه يا غزالى* ويقل الصوت بهدوء حتى يختفى تماماً

ترتسم أبتسامة قوية على وجهى .. الأغنية تذكرنى بأيام الطفولة .. ايام البساطة والجمال .. بزمن الطيبين ، غريب هو الأمر حين نسترجع ايام الطفولة .. نجدها جميلة خالية من أى حزن او قلق .. ونتمنى دائماً العودة إليها .. هل لاننا أصبحنا نعرف ما ستؤول اليه الأمور ؟ أم هروباً من واقعاً البائس ؟ كل ما انا متأكد منه هو انها ايام لن تعوض ولو جائونى بما يماثلها ذهب !

الثانية ظهراً .. جالس على قهوة مع أصدقاء .. صوت عبد المطلب يأت من داخل القهوة

*ساكن فى حى السيدة وحبيبى ساكن فى الحسين ، وعشان انول كل الرضا يوماتى اروحله مرتين*

الحب .. أروع شعور من الممكن أن يشعر به إنسان .. بالإنسان بلا حب يصبح لا شئ .. بل وانه ايضاً بالحب لا شئ .. ولكنه لا شئ مُتعلق بشخص اخر .. فيصبح مثل الأبرة فى كوم القش .. ولكن بلا حب .. تصبح ابرة فقط .. ابرة وحيدة على أرض سيراميك باردة ! ..

أروع ما فى الحب انه يجعلك تفعل أشياء لا يمكن أن تفعلها فى حالتك الطبيعية .. أتخيل لو عبد المطلب لا زال يحيا وسطنا .. هل كان ليذهب من السيدة الى الحسين فى وسط هذه الزحمة وغلو اسعار المواصلات ؟ لو فعلها فهو بالتأكيد غارق لشوشته !

الساعة السادسة .. أقتراب المغرب تبدأ الوحَشة فى أخذ مكانها فى النفس .. لتصيبنى بأرق الخوف طول الليل

*جنة ولا نار اه يا عينى .. رايح وانا محتار اه يا خوفى*

صوت حليم كافى ان يصيبنى بإكتئاب لما لا يقل عن دهر بأكلمه ! .. هل لأنه كان فى بعض الأوقات واقعى جداً فى أغانيه لذلك لا أقوى على تحمله ؟ أم عدم قدرتى على تحمل ما مر هو به من بؤس تُرجم فى صوته وسُجل فى أغانيه ؟ ولكن فى ظل كل هذا .. كلنا ذاهبون فى نفس طريق حليم .. محتارين .. لذلك لا تتبعوا بعضعكم البعض .. فنحن كلنا تائهين.

الساعة التاسعة مسائاً .. اتهيأ للنوم مبكراً حتى أنعم بحياة صحية كما يقال وأستمع الى أغانى ما قبل النوم

*رايح أجيب الديب من ديله بس عالله يكون له ديل وإن مقدرتش اجيبه حسيبه وأرجع اقول ملقتلوش ديل*

من الرائع ان تنهى يومك المتوتر بأغانى موجهة لشريحة معينة من الجمهور الا وهى الأطفال .. تنسى كل هموم اليوم .. وتنسى كل التساؤلات التى تتعب المخ وترهقه ليس لوقت طويل بل حتى ينتهى مفعول تلك الأغنية وتستقيظ مرة أخرى لليوم أخر بنفس الاسئلة ونفس الأشخاص ولكن مع أغانى أخرى .. تثير ذكريات جديدة .. وتشعل مشاعر قد ظننا انها ماتت !


مصطفى الشابي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق