الاثنين، 4 مارس 2013

أعترافات نفسية .. #3


أعترفات نفسية

المريض الثاني


أعترافات نفسية
دخل (ط.م) ، شاب  فى الخامسة عشر من عمره .. بدأ يأتى الي منذ وقت قصير .. شهرين تقريباً ... أمه تأتي به الي بدون علم أبيه .. فأنه من المخبولين الذين لا يعترفون بالمرض النفسي.

أستئذن حضرتِك فى الخروج وتركنا وحدنا قليلاً ؟

الأم وعلى وجهها علمات التوتر أكيد

خرجت الأم وتركتنى وحدى مع هذا الشاب .. قد تسألون ماذا يجعل شاب بهذا العمر يذهب الى طبيب نفسي؟؟ ... أجيب عليكم.. لا يجب أن تستهينوا بمشاكل هذا السن .. فمشاكلهم البسيطة اليوم ..تصبح عُقد الغد لهم ولمن حولهم.

وقد كانت مشكلة هذا الشاب هو الأنطواء ... الأنطواء الشديد .. لا يتكلم مع أحد .. لا أصدقاء .. لا أحد على الأطلاق .. فمن الصعب .. بل من المستحيل ان تستخرج كلمة واحدة من الأنطوائيين.. ولكنى جهزت له الطعم الذى سوف يجعله يتحدث.

كيف حالك ؟

الحمد لله.

لقد أحضرت لك هدية اليوم ... ولكنى لن أعطيك اياها الا بشرط !

وأخرجت أسطوانة عليها لعبة من العاب الفيديو .. أحدث ما نزل فى الأسواق.

لمعت عينا الفتي وما هو ؟

أن تجاوب على أسئلتي وتحكى لى اخبارك .. كلها !

لاحظت على الشاب علامات التردد .. ولكنه لم يستطع مقاومة أغراء اللعبة .. فوافق على الشرط وبدأت انا فى السؤال.

حسناً .. ما هى أخر التطورات فى المدرسة ؟

بدأت ان أتكلم مع زملائى فى الفصل

جميل .. ماذا بعد ؟؟

ولكن فى معظم الوقت أشعر اني ممل .. فأفضل السكوت.

وهذا لن يجعلك ممل ؟؟

ولكنى أخاف ان أعطي أنطباع سيئ لدى زملائى عني .. خصوصاً الفتيات.

أحكى لى عن الانترنت ..

ظهرت على الفتى علامات أستغراب ماذا به ؟

اه .. لقد نسيت أن أقول لك انى أتبعت حسابك الخاص على "تويتر"

تحولت علامات الأستغراب على وجه الفتى الى حرج شديد.

أستكملت حديثى لقد لاحظت أنك تتكلم بأنفتاح مع جميع الناس .. وخصوصاً الفتيات منهم !.. وبالمناسبة .. لقد أُعجبت كثيراً بأسمك الحركي "الفلنتينو".

قل لى الأن .. ما سبب هذا ؟؟ لماذا تحدث الأفتراضيين بطلاقة وحرية وتخاف من الحديث مع من تعرفهم ويعرفوك ؟؟

وبدأ الفتي فى التكلم بأنفتاح عن ما سبق .. وكأنه شعر أن سره الصغير الذى كان يحرسه قد أنكشف!

"انا من أتحكم فى أنطباع الآخرين"
لأنهم ببساطة "أفتراضيين" ، لأني أعلم اني أتكلم مع ناس لم ولن أراها .. لذلك لا يهمنى الأنطباع الذي سيأخذونه عني .. بل وعلى الانترنت ، انا من أتحكم فى أنطباع الاخرين.

ماذا اذا جئت لك بشخص من على الأنترنت على الحقيقة .. هل سوف تتكلم معه ؟
قال بتوتر لا اعرف ...

لقد قلت انك تستطيع التحكم فى أنطباع الأخرين .. هل لى لأعرف كيف ؟؟

على مواقع التواصل الأجتماعي من السهل ان تتكلم مع الناس .. لأنه عالم مفتوح .. الكل يخاطب الكل .. ومن الممكن التفكير بهدوء قبل الرد .. واذا لم يعجبك كلامك من الممكن ان تحذفه .. الموضوع أسهل بكثير ولا يوجد به توتر.

هل تعلم .. قالت لى أختى فى مرة .. "خوفك من الأشياء يجعلك تراها أكبر من حجمها" ، خوفك من الكلام مع زملائك وخوفك من الأنطباع الذى سوف يؤخذ عنك يجعلك ترى الموضوع صعب .. عظيم .. وكأنك على وشك القفز من على قمة جبل .. ولكن بمجرد أن تقحم نفسك فى الأمر .. تشعر انك قفزت من على هضبة مرتفعة قليلاً.
هل لى أن أسأل لماذا أخترت هذا الأسم الحركي ؟؟

لقد أعجبنى ..

هل تعلم اى شئ عن صاحب الأسم ؟؟

على ما أظن انه من "الحبٌيبة".

دعني أحكى لك بأختصار .. رادولف فلنتينو ، كان ممثل فى بداية القرن العشرين ، كان معشوق جميع النساء أيامه .. كان بمجرد نظرة يسحر المرأة التى أمامه ... ما عجبك فى هذا الأسم هو ما يختفى وراءه .. هو رغبتك فى أن تكون ساحر للفتيات وكما رأيت على "تويتر" انت تنجح فى ذلك.

ما انت فيه هو كذبة أختلقتها وأوشكت على تصديقها .. حالة هروب من الواقع ، ويجب أن نوقف هذه الكذبة حتى لا تصبح بشخصيتين .. أى حالة أنفصام فى الشخصية.
 رد على بنبرة حزن وماذا علي أن أفعل ؟؟

سوف نتفق على بضعه أشياء .. يجب ان تنفذها ونرى النتيجة .. ولكن يجب أن تعدنى أن تنفذ جميعها.

بعد زفير ينم على الأستسلام أعدك.

سوف نقلل من أستخدام الأنترنت والكمبيوتر بشكل عام ... وتوقف أستخدام جميع ما له علاقة بمواقع التواصل الأجتماعي .. وتختلط بالناس.

رد علي بنبرة أستنكار ولكن .. هذا عذاب !

أن تتعذب اليوم خيراً من أن تتعذب طيلة حياتك.

وبعد دقيقة من التفكير .. أعلن الاستسلام مرة اخري حسناً

جيد .. أما الأن .. بإمكانك الخروج.

ماذا عن اللعبة ؟؟

سوف أعطيك إياها المرة القادمة .. إذا قمت بأقحام نفسك مع ناس أخرين.

مع خيبة أمل .. حسناً

أريد أن أسمع أسماء أصدقاء جديدة المرة القادمة .. وتذكر .. الخوف يجعل الأشياء تبدو أكبر من حجمها.... مع السلامة.

وخرج (ط.م) وبدأت انا كعادتى فى التفكير ... مع كل هذه الوسائل الحديثة والتكنولوجيا التى توفر علينا الراحة ولكنها لم تزيدنا سوى شقاء .. أنه الوجه الأخر للعملة ، فمثال هذا الشاب من عائلة ميسورة الحال ، وفروا له جميع وسائل الراحة المطلوبة وها هو ... يشقى ويتعذب بسببها.

دخل عبد الباري وبيده كوباً من الشاي ووضعه على المكتب وبدأ بالحديث :

الآنسة (ف.ك) بالخارج.

وما الذى جاء بها اليوم .. إن ميعادها غداً ؟؟!

أتصلت منذ ساعتين تقريباً وحجزت مستعجل.

حسناً .. أدخلها الأن.

خرج عبد الباري جلست أنتظر الآنسة (ف.ك) وانا قلق ومتشوق لأخر أخبارها ... لعله خير !
**********************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق