الثلاثاء، 19 مارس 2013

بدون رجال !


بدون رجال !



لقد عدت لكم اليوم مرة اخرى لكى أتكلم فى نفس الموضوع .. فلن أجعل شئ مثل أتهامتكم لى وسبابكم ان توقفى فى هذا.

أنى اعود لكم اليوم مرتدى ثوب الفتاة ، نعم !! سوف أريكم وجهة نظر الفتاة فى هذا المجتمع المريض ... انى متوقع ان تستمر مسيرتكم الى بالسُباب .. ولكنى لن أغضب ، فقد تأقلمت نفسى مع هذا .. فحالياً نصف الشعب يسُب النصف الأخر بلا سبب.

ما سوف تقرؤنه فى الصفحات القادمة هو من وحى الخيال ، ولكنه واقعى لأقصى درجة
وارجو كلاً من المزدوج ، الجاهل ، المتحرش ان يمتنعوا عن القراءة إذا أرادوا ان يحافظوا على ما تبقى لهم من كرامة !
********************

فتحت عينى فى الصباح على صوت جرس المنبة متمنية ان أغلق عينى وأكمل الحلم الذى كنت فيه ولكن لابد من النهوض حتى أستطيع اللحاق بكليتى ، فأنا فى كلية طب فى السنة الخامسة و، ما القاه منذ الخروج من باب العمارة حتى الوصول للكلية يجعلنى أتمنى الجلوس فى المنزل حتى لا أتعرض للإهانة وعدم الأحترام ، فأصبح النزول من البيت اشبه بالذهاب لساحة المعركة .. فلا يوجد أنتصار لنا نحن النساء .. اما الهرب او الخسارة .. فنحن دائماً الضحية.

قمت من السرير وذهبت الى الحمام ثم تناولت فطورى وقمت بأرتداء ثبابى فى ما لا يقل عن نصف ساعة .. ليس بسبب أختيار الألوان المتناسقة ولا –تطقيم- البلوزة مع البنطلون ولكن بسبب جسدى .. كانت المشكلة لدى كيف أخفى جسدى ؟ كيف أجعله مدفوناً فى هذه الملابس ... جسدى عادى .. مثل اى فتاة .. يوجد به بعض التضاريس .. ولكن فى النهاية انا فتاة عادية لست شديدة الجمال .. ولكن بالنسبة "لهم" فأنا أحمل أسلحة نووية بداخل هذه الملابس .. فأنهم يلهثون على اى شئ ينتهى ب "ة".

لقد تعرضت للتحرش وانا فى الخامسة عشر .. اى من عشر سنين ولكن مقارنة بما يحدث الأن لنا نحن النساء .. يسمى "تسلية" ، فقد كان أقصى ما يمكن فعله زمان هو ان يتبجحوا ببعض الكلمات التى لا تؤذى الجسد ولكنها بالطبع كانت تؤذى النفس ، اما الأن ما يمكن ان يفعلوه هو كل شئ .. واى شئ حتى انى تمنيت ان أصبح ذكراً فى بعض الأوقات وحدث ذلك بالفعل .. ليس لفظياً ولكن فعلياً فأصبحت أتقلد بال"عسكرى" فى حياتى ، خطواتى ، ملابسى ، طريقة كلامى .. حتى انى أرتديت الحجاب خصيصاً لكى أخفى شعرى ، حتى لا يقوم السفهاء والجبناء من الناس إلقاء اللوم على فى أستثارت الشباب ... ولكن ظل الحال كما هو عليه فهُم مثل المثل "حافظين من فاهمين".

المهم قمت بإحكام الملابس جيداً ولففت الطرحة "لفة متخرش الماية"وأخذت كشاكيلى وودعت اهلى وكأنى لن أراهم مرة أخرى وتوكلت على الله وخرجت الى ساحة المعركة –الشارع سابقاً- وكان أول من رأيته هو محمود ، شاب فى العشرينات من من يستمعون للمهرجانات يملك محل أكسسوارات موبايل وما الى ذلك القى على السلام "صباح الخير يا داكتورة" فقلت له "صباح النور" وبدأت فى العدو بعيداً عن نظراته .. فكان ينظر الى نظرات مقززة وكأنه يريد ان يخترق ملابسى ويرى ما تحتها.

وبدأ طريقى الى الكلية فى خوف وقلق نظرات متلاحقة حولى لمرابقة كل من حولى حتى أكون مستعدة لأى هجوم ، فكان يقول لى أبى "خلى عينك وسط راسك وخليكى مفتحة" .. لم يكن الهجوم هنا مقتصراً على التحرش الجنسى فقط .. بل ايضاً بالتحرش الفكرى .. فكان الكثير من الفتيات المنتقبات يوقفونى انا وغيرى من البنات ويقدموا لنا النصيحة بالأرتداء النقاب بقولهم "ربنا يهديكم" .. وما يسيطر على فى هذه اللحظة هو الصمت والدهشة.

ولكى أذهب الى الكلية لابد ان أستعين بالمترو فكان هذا هو أصعب جزء ، فمع ركوبى العربة المخصصة للنساء ولكن لم يمنع ذلك بعض الشباب من أقتحامها ، ناهيك عن لحظات الصعود والنزول ، فهنا أصبح فى قمت رعبى وخوفى لأنى ببساطة لا أستطيع تحديد من من احمى نفسى .. فعدوى أصبح منتشر فى المنطقة !

وقفت فى أنتظار المترو وانا متيقظة لأى هجمة وفجأة جاء من ورائى شاب أرتطم بى .. ولكنه كان عن عمد فأثناء الأرتطام قام بمسك مؤخرتى .. وهنا أنفجرت فيه كالبركان وأنهلت عليه بالسُباب والشتائم وقمت بالتلطيش فيه بذات اليمين وذات اليسار متمنية ان يأتى أحد يدافع عنى ويلقن هذا الحيوان درساً .. ولكن كل ما رأيت هو مجموعة من الناس تشاهد الواقعة .. ثم قام مجموعة من الرجال بسحب هذا المتحرش من أمامى وتسريبه وبدأوا فى إسماعى أسطوانتهم المشروخة "هو كان عملك ايه يعنى ؟" "بصى على لبسك الأول" بتنزلوا من بيتكم ليه" " انت غاوية فضايح ؟؟".. لعنكم الله واحداً واحداً ! اين ذهبت نخوة الرجال وشهامتهم ؟؟ اين هى الشجاعة ؟؟ اين هى الأخلاق ؟

وجائت عربة المترو وركبتها و انا شدة غيظى وأخذت ادعو الله طوال الطريق ان يحفظنى وترحمت على صنف الرجال ... فلقد أنقرض هذا النوع من البشر منذ أجيال.
نزلت من عربة المترو وسط أحتكاك شديد مقصود .. ولكن ما باليد حيلة ! ثم بدأت بالعدٌو مرة أخرى للوصول للكلية فكانت مسافة عشر دقائق وخلالها تم أقتحام ملابسى مئات المرات ةتم تصورى فى خيال هؤلاء الوحوش معهم أعطيهم ما يريدون سواء برضاى او عدمه .. وسمعت اقبح ما يمكن ان يقال .. فكانت كل كلمة ونظرة أشبه بكرباج ينزل على جسدى.

ووصلت فى النهاية الى الكلية .. لا تظنوا ان الكلية خالية من المتحرشين ,, كان يوجد بها الكثير .. ولكن من الممكن وصفهم بمتحرشون درجة ثانية .. غالبنين .. أخر ما يمكن ان يفعلوه هو ان يتبادلوا الكلام مع بعضهم البعض عن أجسادنا.

وفى نهاية اليوم الدراسى فى الكلية .. عدت الى البيت بنفس الطريقة ... ونفس الأحداث وانا فى نفس حالة الرعب و القلق لمجرد التفكير فى ما يمكن الحدوث فىٌ اذا سهوت للحظة.

ودخلت غرفتى الجميلة الهادئة الخالية من الرجال البائسين ، الشهوانين .. المتعفنين فكرياً .. وبدلت ملابسى وتأكد ان جسمى سليم .. وأستلقين على سريرى لأنام فأكمل حلمى .. فأحلم انى أعيش وحدى .. بدون قلق .. بدون خوف .. بدون رجال !
                                                           مصطفى زكريا الشابي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق