الاثنين، 1 أبريل 2013

الطفل المحبوس


الطفل المحبوس

لمست أصابعها الجميلة مفاتيح البيانو المهجور لكى تتأكد انه مازال سليم بعد ما قضاه من عمر وحده فى عُزلة بمنئى عن الناس .. وبضغطها المفتاح قد دبت فى هذا البيانو الحياة من جديد .. ولكن صوته كان يوجد به شئ من الحزن .. وكأنه يقول لها فى نبرة يأس .. "لقد تمكن منى الزمن يا بُنيتى .. فأنى الآن لا اصلح إلا لأكون خردة".

ولكنها قامت بتربيت عليه .. وقامت بمسح التراب الذى غطاه وجلست على الكرسى وبدأت فى العزف .. اخطأت العديد من المرات وفى كل مرة وكأنه يأكد لها انه لا فائدة منه ، ولكنها لم تيأس .. وبدأت فى العزف من جديد.. ولكن هذه المرة بتروى .. وكأنها تقول له .. "لا تيأس .. هل تظننى أصدق فى العجز ؟؟"

وذهبت اليه كل يوم .. كانت تستمتع بملاقاته .. فكانت تستمع الى أحاديثه الخفية عن الزمن البائد ... وتحكى له هي عن طفولتها الماضية .. فتكسب منه خبرة ويكسب هو منها الأمل !!

حتى جاء يوم وتحقق ما كانت ترجوه ! .. لقد تحول هذا الكهل العجوز الى طفل مرة أخرى .. لقد أصدر أجمل سيمفونية فى الحياة .. فعندما أمتزجت البراءة بالحكمة تحول الكهل اليائس الى طفل مقبل على الحياة ! فأصدر سيمفونية مليئة بالحزن والبكاء والسعادة والضحكات والضجر والموت.... والحياة !

"الطفل يوجد بنا جميعاً .. ولكن الزمن مع الوقت يخفيه بداخلنا .. فهو مترقب الشخص او الشئ الذى سوف يعيده الى الحياة مرةً اخرى"
                                                         مصطفى زكريا الشابي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق