الأربعاء، 27 نوفمبر 2013

من الحب ما قتل


من الحب ما قتل

فى يوم من الأيام فى بلد من بلاد عالم المجرة الثلاثية .. وبعد ان تولى رئيس جديد زِمام الأمور ، تيقن الشعب من ان هناك تغير وفرق سوف يلحظوه .. وبالفعل .. بعد سنة من تولى الحكم .. توجه السيد الرئيس الى مصنع من المصانع التى يعمل بها عمال فقراء الى حد ما .. دخل الرئيس المصنع وهو محاط بمجموعة كبيرة من الناس ومجموعة من الأطفال لا احد يعلم من اين اتوا يقدمون له الورود والشوكولاتة .. وقف الرئيس مبتسم يشاهد العُمال الكادحين وهم يعملون .. وكانوا بالفعل يعملون .. لم يلتفتوا الى الرئيس كما التفت باقى الناس .. علموا بمجرد النظر عندما دخل المصنع انه كمن سبقهم .. يهتم بالمنظر العام ولا يهتم بالعمال .. يرغب فى رسم صورة جميلة للشعب على حساب هؤلاء الكادحيين .. ولكن ضمن هؤلاء الكادحين كان يوجد بضعه عمال .. لا يزيدون عن سبعه يجلسوا ويدخنوا سيجارة ويضحكون .. فبمجرد ان علت صوت الضحكات .. التفت لهم الرئيس ومدير المصنع الذى شاط غضباً عندما رأى هذا المشهد .. وعندما اقبلوا عليهم قال الرئيس للمدير

"ايه مالهم دول يا استاذ محمود .. مش بيشتغلوا ليه ؟"

ارتبك محمود وقال بإستعطاف للرئيس "ابداً يا فندم تلقيهم مريحيين شوية .. اصلهم بيتعبوا اوى !" ثم اضاف بحده فى صوته "يلا يا ابنى منك له كل واحد على شغله"

التفت العمال اليهم فى غير اكتراث وقال زعيمهم "اما نخلص السوجارة يا بيه"

قال المدير بغضب شديد "إزاى تكلمنى كده .. اما اقول كلام يتنفذ يلا على شغلك"

ثم نظر الرئيس الى العمال وقال لهم بصوته الجهورى"جرى ايه يا ابنى منك له .. مش عايزيين تشتغلوا ليه .. انتوا مش بتحبوا مصر ؟"

نظر له زعيمهم وقال وهو ينفخ دخان السجارة "بنموت فيها يا بيه !"

قال الرئيس "طالما بتحبوها يبقى لازم تشتغلوا عشان العجلة الإنتاج تدور والحياة تمشى ونبقى بلد منتجة"

نظر زعيمهم الى الرئيس ثم قال "بنحبها ؟" ثم على صوت ضحكته مع زملائه فأشتعل المدير غضباً قائلاً "انت ولد قليل ادب متربتش .. إزاى تكلم رئيس بالجليطة دى .. قوم اوقف يا حيوان !"

قال زعيمهم "طيب طيب متزعقش يا بيه .. حقوم اهو للباشا"

قال الرئيس فى تعجب "فى ايه .. انت بتعمل كده ليه يا ولد .. عندك مشكلة ؟"

قال زعيمهم "مشكلة ؟ وهى مشكلة واحدة يا بيه ؟ طبعاً ما حضرتك مش حاسس بحاجة .. قاعد تاكل وتزور فى مصانع وتتصور ويجبولك شوكولاتة .. واحنا مش لاقيين حق الدخان .. عارف يا بيه .. انا ميهمنيش اى حاجة من دى .. ميهمنيش اننا نكون منتجين .. ولا يكون معايا فلوس .. ولا ان سيدتك تبقى مبسوط من الزيارة .. عارف ليه ؟
انا اما انتخبتك كنت فاكر انك حتخلينا نعيش .. مش زيك اكيد بس رأى المثل من جاور السعيد يسعد .. بس مشوفناش جديد ..نفس القرف والجهل والتخلف .. انا معايا شهادة .. اوعك تكون فاكر انى فاشل .. بس ملقتش غيرها ! .. لسه بيتحرشوا بأختى وامى يا ريس مع انهم متحجبين ومحترمين ! .. لسه الناس مش واخدا حريتها ! .. لسه فى قطارات بتتقلب واما تيجى تسألهم يقولوا نفس السبب بتاع الحادثة اللى فاتت .. لسه فى محسوبية ووسطة .. لسه فى تأليه للمسئول .. لسه فى اطفال عمر خمسة وستة ويمكن اصغر بيموتوا وهم ملهومش ذنب غير انهم اتولدوا هنا ! كل ده وبتقول انى بحبها ؟ ..

قال الرئيس بحدة وغلظه فى صوته " أفهم من كده انك مابتحبش مصر !؟"

ابتسم الشاب وقال له "ما انا قلتلك بموت فيها يا بيه ... بموت فيها !"


                                                                                       مصطفى زكريا الشابي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق