الخميس، 21 فبراير 2013

أعترافات نفسية .. #1


أعترافات نفسية

أعترافات نفسية
بدايةً .. انا الدكتور مصطفى الشابي ، ثلاثون عام ، طبيب نفسي .. تخصصت فى مجال الطب النفسي لسببين .. الأول لأني اظن ان الناس لو لم يجدوا من يشكوا له ويخرجوا له ما بأنفسهم سيصبحوا فى عداد الأموات أو –المجانين- وحتى لو كنت تحكى لأحد عن مشاكلك وتخرج له ما بجعبتك ... فدائماً هناك جزء خفى ... لا تريه لأحد .. وهنا يأتى دورى لكى أستئصل منك هذا الجزء الذى فى الغالب يكون سبب مشاكلك
 .. اما السبب الثاني اني أحب ان استمع مشاكل الناس وأرى حياتهم وأتخذ منها عبرة.

ما يغيظنى فى هذه البلد هو ان الناس ينكرون المرض النفسي .. لا يعترفون سوى بالمرض العضوي .. واذا قلت لأحد "أجربت الذهاب لطبيب نفسي؟" فيجيب بسرعة وبغضب .. "حاشا لله .. أتقول على مجنون .. انا لست بمجنون" ، بل علي القول ان هذا أشد المجانين .. أن يهمش نفسه ولا يعيرها اى أهتمام ويظن انه جسد فقط !

"العقل يعانى والجسد يستغيث" ان الأنسان جسد وروح ، وأغلب أمراضه تأتى من الروح ويستقبلها الجسد ، فلا يمكن الأستغناء عن الطبيب النفسي أبداً.

انا لا أتعامل مع المرضي على اني طبيب .. بل أفضل أن أكون صديق .. وما سوف تقرؤنه فى الصفحات القادمة ليسوا سوى أصدقاء لي .. لم يستطيعوا ان يتحملوا متاعب الحياة وحدهم وجائوا 
الي كي أعينهم عليها.

لن أحكى لكم سوى مايمكن أن تأخذوا منه عبرة
وسوف يكون أول أتهام لى اني أفشي اسرار المرضي الذى استئمنوني على أسرارهم وتفاصيل حياتهم ، ولكنى لن أحكى لكم سوى ما يمكن أن تأخذوا منه عبرة .. لن أكتب مغامرتهم الجنسية وخيانتهم لزوجاتهم ولا حتى أدمان البعض منهم على بضعة مشروبات روحية .. ففى النهاية لااريد ان يطلق علي لقب "نذل".

ندخل فى صلب الموضوع .. دخلت العيادة فى تمام الساعة الخامسة والنصف .. لم يحضر سوى عبد الباري السكرتير ..  من عادتي الذهاب الى العيادة قبل حضور المرضي للأسترخاء والأستماع لبعض الموسيقي الكلاسيكية ، فقد كانت تساعدني على تصفية ذهني من مشاكلي الخاصة ، فعلى الطبيب النفسي أن لا يخلط بين مشاكل مرضاه ومشاكله الخاصة.

عبد الباري .. -كما قلت من قبل- سكرتيري ، 48 عام ، كان يعمل تمرجي بمستوصف فى الأرياف ، جاء الى القاهرة لفرصة عمل أفضل توفر له حياة معيشية رغيدة ، ومن الطريف إن من فى الأرياف يظنون أن من يعيش بالقاهرة هم رجال الأعمال ومن جاءت له فرصة العيش والعمل هناك يصبح من المليونرات ، لقد صورت لهم أفلام السينما ان القاهرة جنة وأهلها من الملائكة ، ولكنهم يفاجأوا بجحيم ، لا يقل عن جحيم الأرياف.

دخل علي عبد الباري وفى يده فنجان القهوة الخاص بي ووقام بوضعه على المكتب .. وقال :

لقد حضر الأستاذ (م.ج) يا دكتور .

نظرت الى ساعتي وقلت لعبد الباري أدخله لى بعد خمسة دقائق

خرج عبد البارى وأغلق الباب ، وبدأت أرى ملف (م.ج) وانا اُنهى فنجان القهوة برشفاتى وأتذكر جلساتنا معاً لكى أرى أخر تطورات العلاج.

مرت الخمس دقائق ودق الباب ، ودخل علي ... المريض الأول.

***************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق